اخترنا لك
كابتن مارفل: هدية يوم المرأة العالمي
اخترنا لك: أفلام
صدر أمس فيلم كابتن مارفل، من استديوهات الكوميكس التي تحمل ذات الاسم – مارفل، وهو كما يعرف متابعو عالم مارفل أول فيلم أبطال خارقين سينمائيّ بقيادة نسائيّة في عالم مارفل السينمائي (MCU). سبقه طبعًا فيلم Wonder Woman ولكنه من أفلام الاستديو المنافس، استديو دي.سي. للكوميكس - DC.
هذا الفيلم يصدر قبل يوم واحد من يوم المرأة العالمي، ويمثل هدية تقدّمها استديوهات مارفل لكافة نساء العالم، بالذات بعد 20 عامًا من تجاهل أدوار النساء القيادية في عالمها. فهل نجح هذا الفيلم حقًا بالتعويض عن السنوات الماضية من غير قيادة نسائية في أفلام مارفل؟
بالإضافة إلى كل هذا، يجب أن نتذكر أن الفيلم يصدر قبل شهر واحد من فيلم مارفل المنتظر "المنقمون: نهاية اللعبة" (Avengers: Endgame)، الذي من المتوقع أن ينهي عالم مارفل كما نعرفه اليوم، ويعتبر من أكثر الأفلام المنتظرة لعام 2019. في نهاية الفيلم السابق بالسلسلة "المنتقمون: الحرب الللانهائية" (Avengers: Infinity War)، رمز لنا الأبطال أن من سوف ينقذ الأمور والكارثة التي أتت لعالم مارفل المتمثلة بفوز الشرير ثانوس، هي كابتن مارفل. هذه الأمور جميعها جعلت الفيلم يحمل عبئًا ثقيلا جدًا، ما يرفع التوقعات منه.
بنظري، تمكّن الفيلم من ملاءمة التوقعات بمعظمها، واستطاع أن يعرض لنا قصة بطلة خارقة جديدة بطريقة ذكية ومركبة، لا تستهين بعقول المشاهدين. الفيلم يناسب أجيال 10 سنوات وما فوق، ودرجة العنف فيه منخفضة نسبيًا لأفلام الأبطال الخارقين الآخرين. بالإضافة إلى هذا يعرض الفيلم نموذجًا رائعًا للطفلات والفتيات لامرأة قوية وشجاعة تتعامل مع كافة البيئة المحيطة بها بقوة وثقة موزونة بالنفس. أنصح جدًا بمشاهدة هذا الفيلم، بالذات لمتابعي عالم مارفل، ولكن كذلك لكل شخص آخر لا يتقن لغة الكوميكس. قد يخسر بعض الرموز وتغيب عنه بعد النكات والممازحات والمفاجآت، إلّا أنه سوف يفهم الفيلم ببساطة ويتمتّع به.
الاشكالية المركزيّة التي شعرت بها في الفيلم، خارج نطاق المضمون والحبكة، هي أنّه يبدأ ببطء شديد وبتركيب غريب وصعب نسبة لفيلم من عالم مارفل. لكن بعد ربع ساعة من الفيلم، يتمكن المشاهد من فهم الفكرة المركزية، ويبدأ بمجاراة الأحداث.
بشكل مفاجئ نسبيًا، يقدم الفيلم مجموعة كبيرة من الرسائل الإيجابية التي تتعلق بالطموح والمثابرة، لكنّ أروع رسالة فيه هي الرسالة النسوية؛ فتشاهد الطفلات والفتيات امرأة عديمة الخوف، واثقة، وقوية ترعرعت على تحدي الصعاب والعقبات لتصبح امرأة خارقة. كارول دانفرز (كابتن مارفل) هي نموذج رائع للأطفال والطفلات: فهي دائما ترى نفسها قادرة على أن تكون أي شيء، وقادرة على تبني ذكائها وقوتها بشجاعة، ولديها شعور قوي بالنزاهة والأمانة وحسّ قويّ بالعدل. الفيلم يعرض قيم دعم النساء لبعضها البعض، وتعاونها من أجل التغلب على كلّ شيء، وهناك تعددية وتقبّل الآخر بشكل رائع في الفيلم، وليس هناك أيّ تطرّق لمواضيع رومانسية، كما يحدث عادة في هذا النوع من الأفلام.
الموضوع التربوي الأخير الذي سأتطرّق إليه هو موضوع نموذج الجمال المتّبع في أفلام الأبطال الخارقين. مقارنة بالبطلة الخارقة السابقة، بطلة "المرأة الخارقة" Wonder Woman، وبالرغم من روعة فيلمها، نجدها تجسد بشكل مطلق كافة نماذج الجمال التي تتحفظ منها الجمعيات النسوية والدينية على حد سواء؛ فملابسها تعتمد على مفاهيم تقليدية جدًا للمرأة ولنموذج لباسها. لكن في فيلم كابتن مارفل نرى الاختلاف واضحًا جدًا: فملابسها تعتمد بالأساس على حاجتها الخارقة وليس لإظهار جسدها أو لمواكبة أي من نماذج الجمال التقليدية، وأخيرًا وأقولها بحذر فلربما سهويت عن أمر ما، موضوع تشييء المرأة في هذا الفيلم هو معدوم.
أمّا عن الفيلم نفسه، فهو يحكي قصة كارول دانفرز التي تدربت في السلاح الجوي ووقعت سبية في أيدي مخلوقات فضائية. تفقد دانفرز الذاكرة وتعتقد أنّ المخلوقات الفضائية هي من أصدقائها، وأنها جزء منهم ومن مجرّتهم، حتى مرحلة متقدمة في الفيلم، فيها فهمت أنهم جاؤوا أصلًا لسرقة سلاح وقع على الكرة الأرضية وهي تعرضت لطاقة هذا السلاح فخطفوها.
في تسعينات القرن الماضي كانت الكرة الأرضية في وسط حرب بين مخلوقات فضائية من عوالم مختلفة، وتدخل الأرض أدى لتهديد سكانها. هكذا، تعود دانفرز إلى الأرض وبمساعدة قائد المنتقمين المعروف لنا من أفلام مارفل السابقة، نيق فيوري، تنقذ دانفرز العالم وتتبني طاقتها العظيمة.
مشاهد الفيلم قوية جدًا وفيها الكثير من الرمزيات والاستعارات، بالرغم من أنه يحصل في تسعينات عالم مارفل. فمثلًا في أحد أروع المشاهد النسوية في الفيلم، يتحداها أحد الأشرار ويقول لها "أتحداك أن تتنازلي عن عواطفك، التي تسيطر على الطاقة، وتبرهني لي أنه بامكانك التغلب عليّ من غير استعمالها"، فتضربه دانفرز بكافة طاقتها وتقول له واحدة من أروع الجمل النسوية في السينما الحديثة: "لست بحاجة لأن أبرهن لك شيءً".
أمّا عن التحفظات المضمونية والاشكاليات في حبكة الفيلم، فلا بد أن أذكر أنّ خوفي الوحيد من الفيلم هو أن يحصل لشخصية كابتن مارفل ما حصل لشخصية سوبرمان في القرن السابق. في مرحلة معينة في السبعينات اكتشف منتجو سلسلة سوبرمان أنهم خلقوا شخصية خارقة إلى درجة أنه ليس لديها أيّ نقاط ضعف. فيمكن لسوبرمان أن يتغلب على كل عدو يتمكن من تهديده، وأصبح نوعًا ما إلهًا قادرًا على كلّ شيء يعيش على الأرض. لهذا السبب اضطرّ المنتجون لإصدار سلسلة جديدة أضافوا فيها مادة الكريبتونايت الخضراء التي أصبحت تمثّل نقطة ضعف سوبرمان. هذا بالضبط ما شعرت به في فيلم كابتن مارفل، أنهم خلقوا شخصية قوية وخارقة بدرجة غير منطقية ليس لديها أيّ نقاط ضعف. للأسف هذه الاشكالية تجعلني أتخوّف جدًا من حبكة فيلم المنتقمون القادم، كون المنتجين قد خلقوا شخصية بقوة إله، فليست هناك أيّ إمكانية لخسارة المعركة مجددًا أمام ثانوس.
الفيلم يعرض لنا بطريقة ذكية جدًا ما علاقة كابتن مارفل مع باقي عالم مارفل، وفي آخر مشهد نرى كيف تأتي لمساعدة المنتقمين، بمن فيهم كابتن أميركا والأرملة السوداء (بلاك ويدو)، لإنقاذ العالم من أيدي ثانوس الشرير. الفيلم يلبي توقعات المعجبين بمعظمها، ويعرض خلفية ومقدمة جدية جدًا وحماسية، للفيلم المنتظر القادم في الشهرب القريب: "المنتقمون: نهاية اللعبة".
- التاريخ: 08/03/2019
- كلمات مفتاحية: أفلام