Image Background

اخترنا لك

Home Alone - البيت وما أحلاه: تجديد مبتذل لنوستالجيا مقدّسة

اخترنا لك: أفلام


Home Alone - البيت وما أحلاه: تجديد مبتذل لنوستالجيا مقدّسة
بنان عويسات

(تحذير: في المقالة حرق للأحداث)

Home Alone، أو "وحيد في المنزل" (1990) هو واحدٌ من الأفلام التي يمكن اعتبارها من أبرز أفلام الطفولة. لن ينسى أحد ذلك الطفل، كيفن (ماكولي كولكين)، الذي نسيَته عائلته في المنزل بعد أن خرجوا في رحلة إلى باريس. أثار الطفل كيفن مخيّلتنا كأطفال وحتى كمراهقين، لنقوم بتخيّل الأفعال التي قد نقوم بها عندما يُترك منزلٌ بأكمله لنا وحدنا. ألواح الشوكولاتة بكمياتها الهائلة التي ستصبح ملكنا وحدنا، وساعات لانهائية من حيازة جهاز التحكم بالتلفاز ومشاهدة ما يحلو لنا من المسلسلات في أي وقت، ناهيك بانتهاك غرف وألعاب إخوتنا التي سنستخدمها من دون رقيب.
Home Sweet Home Alone - "البيت ما أحلاه: وحيد في المنزل" هو فيلم عيد ميلاد كوميدي أمريكي، من كتابة مايكي داي وستيتر سايدل، وإخراج دان مايزر. إنه الفيلم السادس من العلامة التجارية التي أصبحت معروفة في كل بيت - Home Alone (وحيد في المنزل)، من إنتاج 20th Century Studios كعنوان أصلي لديزني بلاس (Disney+).
إذًا، "وحيد في المنزل" هو فيلم يُعاد صنعه للمرة السادسة. في الفيلمين الأول والثاني، يُترك الطفل كيفن في المنزل بعد أن نسيته عائلته نائمًا في العلّية، وسافروا إلى قارّة أخرى لقضاء عطلة عيد الميلاد، وفي كل مرة يُترك كيفن، يستمتع بالقيام بكلّ "ممنوع" فرضته العائلة، قبل أن يستعد لمواجهة السارقين الذين يحاولون اقتحام منزله.

تلخيص قصة الفيلم

في هذا الجزء الجديد، الذي يعيد رواية القصة من جديد، نتعرف إلى الطفل ماكس ميرسر، الذي ينتقل مع والدته كارول إلى بيت جديد في حيّ لا يعرفان أحدا فيه. وفي طريقهما إلى البيت ذات يوم، تضطر كارول إلى النزول في أحد بيوت الجيران المعروضة للبيع، وتتظاهر بأنها معنية برؤية البيت بهدف شرائه، فقط ليتمكن ماكس من الدخول إلى الحمام، بعد أن كان مضطرًا لذلك ولم يكن في الطريق أي مكان آخر يمكّن ماكس من قضاء حاجته.
البيت هو لـ"جف" و"بام"، زوج يعاني من أزمة مادية جدية ويضطران إلى عرض بيتهما للبيع. في أثناء تجولها، يلتقي ماكس وكارول بـ "جف"، الذي يطلعهما على مجموعة دمى قديمة ورثها عن جدته، من بينها دمية لطفل مشوّه، لتقول له كارول إنّ الدمية تساوي مئتي ألف دولار اليوم، فهي نادرة جدًا. يتجاهل "جف" ما تقوله معتقدًا أنها تمزح، ليذهب ويهتم بأمور المشترين المحتملين الآخرين في منزله.
في تلك الليلة، وأثناء تصفّح "جف" للانترنت، يكتشف أنّ ما قالته كارول صحيح. يخطر بباله أنّ بيع هذه الدمية هو ما سيحل الأزمة المادية لعائلته، ولن يضطروا إلى بيع بيتهم، فيذهب مسرعًا إلى المخزن لتناول الدمية، ليجد أنها قد اختفت! علمًا بأن كارول وماكس هما الوحيدان اللذان شاهدا الدمية، ويقتنع أن ماكس قام بسرقتها.
في تلك الأثناء، تقوم عائلة ماكس وكارول الموسّعة بالتحضير للسفر إلى اليابان لقضاء العطلة. يهرب ماكس من الفوضى العارمة التي تملأ منزلهم، ليقوم بمشاهدة مسلسلات الكرتون في القبو من شاشة سيارة BMW مركونة هناك، ليغلبه النعاس ويغفو. يستيقظ في اليوم التالي ليكتشف أن جميع من في المنزل كانوا قد سافروا، وتُرك هو وحيدًا.
في البداية، وكما في الفيلم الأول، يفرح ماكس لفكرة أنه سيّد المنزل، ويقوم بما يحلو له في أي وقت يريده، إلى أن يكتشف أنّ "جف" و"بام" يحاولان اقتحام منزله، ويظن أنهما يريدان اختطافه، بينما في الحقيقة هم يريدان استعادة دميتهما. يزرع ماكس حقولًا من الألغام المصنوعة من الألعاب، التكنولوجية منها والبسيطة، ليعرقل "الخاطفين" ويمنعهم من اقتحام المنزل. هذه الأحداث هي ما يبلور ويُعقّد حبكة الفيلم.

بين الأصلي والجديد

في البداية، لا بد أن نذكر بأن أفلام "وحيد في المنزل" تضيف تحديثات طفيفة في كل مرة بما يتعلق بالأطفال وعالمهم؛ فتستعرض ألعاب الفيديو التي تتطور على مدار السنوات، وكذلك نوع الألعاب التي يلهو بها الأطفال. إضافة إلى ذلك، تبدو الألعاب في الفيلم السادس أكبر حجمًا بكثير من الألعاب الموجودة في الفيلم الأول؛ فنرى "ليغو" بأحجام هائلة، وبواريد أكبر وأخطر من التي عُرضت في الفيلم الأول. بهذا، تتابع سلسلة الأفلام عالم الأطفال وتطوّره والتغييرات يمر بها، وتحرص على تشجيع الاستهلاك لهذه الألعاب بكميّاتها الهائلة.
يحافظ الفيلم السادس على عدد من أقدس المشاهد التي ظهرت في الأفلام السابقة، بل ويحاكيها مباشرةً، فمثلًا، نصادف الأخ الأكبر لكيفن، باز مكالستر بشخصية الشرطي الذي يتعيّن عليه الذهاب إلى منزل ماكس والتحقق من أن كل شيء على ما يرام. نراه يتلقى البلاغ الطارئ بوجود طفل قد نسيته عائلته وحيدًا في المنزل، قائلًا بأنه يتلقى هذا البلاغ كل سنة على التوالي في فترة عيد الميلاد، ويقول بأن هذا بلاغ كاذب وهو عبارة عن دعابة يقوم بها أحدهم ليذكره بأخيه الصغير "كيفن" عندما تُرك وحيدًا في صغرهم. قد يعتبر المشاهد المخلص لسلسلة الأفلام هذا المشهد كتقدير للصغير كيفن ممثّلًا بالفنان ماكولي كولكين.
من الشعارات المشهورة لفيلم "وحيد في المنزل" صورة الطفل الذي يضع يديه على خدّيه مندهشًا بفعل الحرقة التي يسببها عطر ما بعد الحلاقة. يتكرر هذا المشهد في جميع الأفلام، وهو ما يميّز ملصق كل فيلم. في الفيلم السادس (البيت ما أحلاه: وحيد في المنزل)، نرى هذا المشهد الذي يؤدّيه الطفل "أولي" من عائلة "جف" و"بام" الموسعة. قد يدّعي البعض –وبحقّ– أن ماكس، بطل الفيلم السادس، جدّي أكثر من أن يؤدي هذا المشهد الأطفالي، وأن هذا غير مناسب تمامًا لشخصيته.

مع حفاظه على العديد من ميّزات الفيلم الأول، يقوم الفيلم السادس بتجديد العديد من الطروحات. تُستبدل شخصية الطفل المسكين الذي مثّله "كيفن" بشخصية طفل عنيد ومتكبّر ومتعالٍ، لا تقنعه أبسط الأشياء، ويتميّز بالتحاذق المبتذل؛ لديه ما يقول حيال أيّ شيء، ويتحدث عن كل شيء بسخرية فائقة. ولكن، للسائل أن يسأل ما إذا كانت هذه صفات الأطفال هذه الأيام، وأن ما نعرفه من الصفات التقليدية عن الطفل المؤدب والمطيع كانت قد ولّت مع آخر طفل بلغ سن البلوغ. مع ذلك فإنّ ماكس هو طفل ذكي جدًّا، فهو -مثل كيفن تمامًا- بارعٌ في تسخير كل غرض من حوله ليصنع منه فخًّا محتملًا، كما أنه مستخدم رائع للتكنولوجيا، التي يستخدمها حتى من دون الحاجة للارتباط بالشبكة العنكبوتية.
يقوم الفيلم بقلب الموازين من حيث عرضه لمقتحمي المنازل، مقارنةً بالأفلام السابقة. هذه المرّة، يتعرّف المشاهد على قصة مقتحمي منزل الطفل الذي بقي وحيدًا في المنزل، ويحاول شرعنة هذا الاقتحام من خلال استقطاب تعاطف المشاهد مع أزمة المقتحمين المادية، ومن خلال عرض حقيقة أنهما يقتحمان منزلًا لاسترجاع ما يخصهما؛ إنهما لا يحاولان سرقة المنزل هذه المرة. مع ذلك، ما من حديثٍ يُذكر حول اقتحامهما لملكية وخصوصية المنزل، وخاصّةً بعد أن يعرفا أن ماكس بقي وحيدًا، أو ربما مع جدته الألمانية. ثمة استسخافٌ واضح بمقام الطفل، مبني على افتراض أن تسوية الأمور مع الأطفال ليست أمرًا ضروريًا، يمكن بسهولة تخطّيهم وتجاهل وجودهم.

رأي النقّاد

غالبية آراء النقّاد في الفيلم هي سلبية، فهم يرون بالفيلم محاولة فاشلة لإعادة صنع الفيلم الأصلي. هذا ليس مفاجئًا تمامًا، فغالبية الأفلام المكرّرة لا تلقى ترحيبًا من مشاهديها المخلصين، ودائمًا تلاقى بالردود السلبية والرفض. مع ذلك، آراء النقّاد في فيلم "البيت ما أحلاه: وحيد في المنزل" وصلت إلى حد الهجومية والسخرية، فقد كانوا يتوقعون إنتاجًا أفضل وحبكة مقنعة أكثر، خصوصًا بعد شراء "ديزني" الحقوق الخاصة بسلسلة الأفلام. إضافةً إلى ذلك، يرى النقّاد بالتجديدات التي يعرضها الفيلم ابتذالًا واضحًا، خاليًا من الغاية، معترضين على الموضة الدارجة، والتي بموجبها يتحوّل دور السارق المجرم إلى دور يسعى للبحث عن تعاطف الأطفال. ناهيك بالإعلانات المفهومة ضمنًا لشركة السيارات BMW المتكرّرة في الفيلم.

في نهاية الأمر، يمكنني القول إنّ الطفل الذي يشاهد "البيت ما أحلاه: وحيد في المنزل" قبل أيٍّ من الأفلام الأولى التي ظهرت في سنوات التسعين، قد يُعجب جدًا به، وقد يجد به ما لا يراه المشاهد المخلص من نهاية القرن العشرين وبداية القرن الحادي والعشرين.

يشرّع الفيلم الاقتحام المنزل من خلال استقطاب تعاطف المشاهد مع أزمة المقتحمين المادية
  • التاريخ: 24/12/2021
  • كلمات مفتاحية: أفلام