اخترنا لك

اركاين هو مسلسل صدر في السادس من تشرين الثاني/ نوفمبر 2021، بناءً على قصة لعبة بطولة الأساطير Leauge Of Legends. أتى المسلسل ليعطي المشاهد واللاعب فكرة عن عالم هذه اللعبة. الحماس والتشويق اللذان كانا يدوران قبل اصدار المسلسل كانا كبيرين جداً مثل أي فيلم أو مسلسل مستوحى من لعبة رقمية، ولكن الاختلاف هو انه في اغلب الحالات الأفلام او المسلسلات هذه تكون خيبة أمل كبيرة مقارنة باللعبة. مثلا، بالرغم من طول انتظار إصدار فيلم لسلسلة ألعاب عقيدة الاغتيالي "Assassins creed" الذي تلقى تقييم 18%؜ فقط على موقع تقييم الأفلام Rotten Tomatoes.
أما مسلسل اركاين فقد جاء ساحقاً لكل التقييمات واخد تقييمات قريبه للمثالية، حيث قدم قطعة فنية مناسبة وملائمة لروح اللعبة.

المسلسل هذا مبني على لعبة حاسوب صدرت في 2009 وهي تعد لعبة “RPG”، ما يعني أن اللاعب يتقمص دور شخصية معينة وينضم الى فريق للقتال مع فريق آخر. اركاين هو تجسيد لأحداث سبقت أحداث اللعبة حيث يحكي قصة أصول الشخصيات، التي يعيش قسم كبير منها في بيلتوفير وزاون، وهما المدينتان اللتان تدور فيهما أحداث اللعبة.
بيلتوفير هي مدينة حديثة ومتطورة وغنية يسكنها الأغنياء ذوو الذوق الرفيع، وزاون هي مدينة الزقاق الفقيرة النامية، فيها ينتشر نوع من المخدرات اسمه "شيمر"، الذي يؤدي إلى تطوير قدرات الانسان بيولوجياً ويجعله وحشًا مسلحاً أكثر من كونه بشريًا.
يتم سرد المسلسل من وجهة نظر "ڤاي" و"پاودر" (تتحول لاحقاً إلى جينكس) وهما أختان ترعرعتا في بلدة زاون النامية. يفتتح المسلسل مع ڤاي وباودر وفريقهما المكون من الأطفال الذين يقومون بعملية سرقة من مختبر عالم في بلدة بيلتوفير المتطورة وهناك يحدث انفجار كبير لمادة متفجرة اسمها الهيكستيك، ما يؤدي لكشف محاولة السرقة ويسبب لمراقبة وملاحقة مجموعة من الأطفال من طرف شرطة المدينة. الملاحقة تؤدي إلى تفرقة مجموعة الأطفال ويبلغ كل منهم في مكان آخر وينتمي إلى مجموعة مختلفة من مجموعات الصراع بين المدينتين. يواصل المسلسل عرض الصراع بين المجموعات المختلفة مع الشرطة في محاولة الحصول على مادة الهيكستيك (ذات المادة التي أدت للانفجار في المختبر). مادة الهيكستيك هي نوع من أنواع الطاقة أو السحر الذي يحاول العلماء أن يتحكموا فيه لتحويله إلى مادة آمنة للاستخدام اليومي ومساعدة الأشخاص في حياتهم اليومية وجعلها أسهل.
ولكن مع تطور الصراع بين المجموعات يتم استعمال الهيكستيك كسلاح.

قصة المسلسل مشوقة جداً وفي نهاية كل حلقة يجد المشاهد نفسه مقرقطاً لأظفاره وواقفاً على أطراف أصابعه تشوّقًا لمتابعة الحلقة التالية. حبكة المسلسل غير متوقعة ومفاجئة جدًا. أحد الميزات الأخرى للمسلسل، هو أنها تشكك المشاهد بمشاعره تجاه الشخصيات، حيث كل واحدة منها متقلبة جدًا، ويصعب على المشاهد أن يفضّل واحدة على الأخرى. كون الشخصيات متقلبة، وعرضها من وجهة نظر بطلتين مختلفتين، يؤدي بالمشاهد الوقوع في الفخ مرة تلو الأخرى. قضية أخرى يذكرها الكثير من النقاد، أنّ المسلسل مفعم بالألوان والمناظر الخلابة التي تسهل على المشاهد التواصل مع شخصيات الآنمي المميزة. إضافة إلى كل هذا، موسيقى المسلسل كذلك حازت على إعجاب معظم النقاد الذين وصفوها بأنها ملائمة جدًا للمشاهد ولروح المسلسل عامة.

بعد المشاهدة الأولى للمسلسل يمكن للمشاهد أن يبدأ بفهم عمق الفلسفة السياسية والاقتصادية وراءه. في الحلقات الأولى، يعرض المسلسل فلسفة طبقية ماركسية واضحة جدًا، ويمثّل من خلالها أسس نظرية الصراع الاجتماعي الطبقي فيها يستحيل على الفرد التخلّص من الطبقة الاجتماعية التي ولد فيها، حيث يزداد الغني غنىً والفقير يزداد فقرًا. وفعلًا المسلسل يعرض فكرة صراع الطبقات الثنائي بين الغني والفقير، والقوي والضعيف بصورة طاهرة وحتمية. تتجسد هذه النظرية من خلال سرد الأحداث والسياق المكاني الذي يجري فيه المسلسل، وبشكل خاص من خلال ثنائية مدينة زاون ومدينة بيلتوفير، حيث يسعى سكان الأولى للوصول إلى الثانية طيلة حياتهم، من دون نجاح. هذا بالإضافة لكشف الفساد والفقر المدقع في زاون، مقابل التطور التكنولوجي والعلمي المرصع بالثراء الفاحش في بيلتوفير.
في بداية المسلسل تظهر شخصية فاندر، الأب المتبني لڤاي وپاودرا، الذي يكون ممثلًا لمدينة زاون، ويقوم بأداء صفقات مع شرطة بيلتوفير بهدف حماية بلدته وعائلته. في بداية الحلقة يتم القضاء عليه، فتحل محله شخصية الشرير سيلكو الذي يدير كذلك صفقات مع الشرطة، ولكن هذه المرة لأهداف ومصالح شخصية نابعة عن جشع وشر يتعدّيان مصالح زاون. هذه الاحداث تجسد بطريقه دقيقة جداً ما يحدث في عالمنا اليوم، بحيث تستولي عصابات الخاوة والجشع على زمام الصفقات مع النظام، ويصبح غسيل الأموال هو المميّز المركزي لمندوبي المجتمعات المستضعفة الفقيرة، على حساب مصلحة عامة الشعب.

بأخذ عين الاعتبار كتابة السيناريو الرائعة، وتقنيات الرسم الفنية، والموسيقى تحوّل الفلسفة الاجتماعية في المسلسل إلى ملحمية وغاية في الروعة، أنصح بمشاهدة أركاين بشدة.
من الجدير بالذكر كذلك أنّ المسلسل يحتوي على العديد من المشاهد العنيفة الدامية، مع العديد من الألفاظ غير المناسبة للأجيال الصغيرة. المسلسل، بالرغم من أنه كرتوني، فهو مُعد لأجيال 16 وما فوق بحسب نيتفليكس، عدا عن هذا فانا انصح كل انسان مشاهدة هذا المسلسل والنظرة إليه بعين ناقدة وثاقبة.

أنتجت هذا المسلسل شركات الإنتاج:
“Riot games”,Fortiche و Netflix.

تقييم المسلسل:
Imdb:9.2/10
Rotten tomatoes:100%
حكايا:10/10