اخترنا لك
ما المانع؟ قصة رمضانية تكسر قوالب جندرية
اخترنا لك: كتب
"ما المانع؟" قصة من تأليف تغريد النجار ورسومات: حسان مناصرة
يحكي الكتاب قصة احدى ليالي رمضان. لدى أبو سامية عمل مهمّ يقوم به. ففي كل عام، وفي شهر رمضان، يوقظ سكان القرية قبل الفجر لتناول وجبة السّحور استعدادًا لصيام نهار اليوم التالي. ولكن في هذا العام، يمرض أبو سامية فجأة، لذا تقترح سامية عليه أن تحلّ محلّه. لا بدّ أن تكون سامية شجاعة للقيام بهذه المهمة وحدها في الليل. عليها أن تقرع الطبل بصوت عالٍ وتدعو الناس إلى الاستيقاظ. تنطلق سامية وكلبها برق إلى القرية لإيقاظ النائمين. لحسن حظها، ينضم إليها حمزة وفاطمة وأطفال القرية الآخرون، ويحضر كل منهم آلة موسيقية خاصّة به حتّى إن بعضهم يحضرون القدور والمقالي ليطبلوا عليها! يشكّل الأطفال فرقة موسيقيّة جميلة تجوب شوارع القرية.
هذا الكتاب رائع في الكثير الكثير من الجوانب، سوف أتطرق هنا لبعضها:
* اسم الكتاب "ما المانع؟"، وهو اسم ذكي جدًا لكتاب يناقش كسر القالب الجندري النمطي في دور المسحراتي ويدفع فتاة للقيام بذات الدور. أبو سامية يخاف على ابنته ولكن خوفه لا يجعله يحبسها في البيت، بل ثقته بها وبشجاعتها تدفعه ليسمح لها بالخروج ليلًا. فما المانع؟ (طبعا ربما يكون هذا القرار غير مسؤول بعض الشيء، ولكن كلبها برق ينضم إليها حتى لا تخرج وحدها). وذات الفكرة تتكرر عندما تطلب أخوات حمزة بالانضمام للجولة الليلية، فوالدهن يفكر في الموضوع ويقول "ما المانع؟". وحقًا "ما المانع" بكسر القوالب؟
* هناك رمزية لطيفة جدًا في الكتاب لقصة ليلى الحمراء، مع اقتراح صيغة حديثة للفكرة. الذكر الأوّلي لقصة ليلى الحمراء يأتي عندما يعبر أبو سلمى عن خوفه ثلاث مرات - "أخاف عليك من الظلام، أخاف عليك من الحيوانات المفترسة، وأخاف عليك أن تضيعي". ويستمر التشابه حيث أنّ أبو سامية، كأم ليلى، يرسل طفلته في رحلة إلى القرية، ولكنه لا يقوم بذات الخطأ الذي قامت به أم ليلى، بل يرسل مع سامية كلبها.
بالضبط كما في قصة ليلى الحمراء، تلتقي سامية بالذئب في طريقها، ولكن كلبها برق ينبح في وجهه ويطرده وهكذا تقترح النجار حل المشكلة بدلًا من منع ليلى من الخروج بتاتًا. ما أقصده أننا كلنا نعرف بوجود الذئاب في الخارج، ولكن ليس الحل هو الأسر والحبس، بل هو الثقة واتخاذ الحيطة.
* فكرة اضافة أسماء الآلات الموسيقية على القصة تأتي أولًا لكشف الأطفال عليها، وثانيًا لإضافة روح دعابة ولعب على القصة، التي تتحول من قصة شجاعة طفلة، إلى قصة شجاعة ومرح مجموعة أطفال. إدخال عنصر اللعب الموسيقي واللهو - حتى في ساعات الليل، هو شيء آخر لا بدّ أن نسأل عنه "ما المانع؟". وهذه مسلّمة أخرى يسائلها الكتاب، ويقترح التفكير بها مجددًا.
* الانتقال بين الثقة التي يكنها أبو سامية لابنته للثقة التي تتعلمها القرية في أطفالها، هي فكرة مركزية في القصة، لا بدّ من الوقوف عليها والتعلم منها!
* ما المانع بتسمية أبو سامية بـ"أبو سامية"؟ ليس هناك أيّ مانع! فهذا الأمر الطبيعي لمن ابنته البكر اسمها سامية. أبو سامية أيضًا أرمل، ما يدفع القصة لتعبر بشكل رائع عن مبنى عائلة غير تقليدي في أدب الأطفال، ووارد وطبيعي في الواقع، وتكشف الأطفال عليه.
* أحداث القصة تجري في قرية لفتا الفلسطينية في ثلاثينات القرن الماضي، أي ما قبل النكبة، وهي فرصة لفتح الموضوع - ان أردنا فقط! ولنا البالغين، هي فرصة للتفكّر، ماذا كان لو... هل حقًا كان ممكن أن نصبح مجتمعًا مختلفًا، يسأل بجرأة "ما المانع؟"
* وطبعًا الإضافة الأخيرة والرائعة هي أنّ خلفية القصة هي شهر رمضان وفكرة المسحّراتي! هكذا - لدينا قصة كاملة تحكي عن مجموعة كبيرة من الأمور، وهي قصة حول شهر رمضان - من دون أي تلقين أو فرض، فرمضان هو خلفية القصة.
كل هذا ولم أتطرق للرسومات الرائعة بعد! رسومات عربية وفلسطينية بامتياز، يقدّمها لنا حسان مناصرة بريشته المبدعة وروحها الفكاهية.
أنصح بهذه القصة بشدة للجميع، وأضيف أنها قصة مناسبة لأجيال 4 سنوات وما فوق، وهي طبعًا من اصدار دار السلوى.
الكاتبة تغريد النجار تقرأ قصتها - ما المانع؟
-
نشرنا هذه التوصية سابقًا في اطار توصيات حكايا.
- التاريخ: 15/04/2021
- كلمات مفتاحية: كتب