Image Background

اخترنا لك

السيد رمضان: فكاهة جحا وزوجته في الشهر الفضيل

اخترنا لك: كتب


السيد رمضان: فكاهة جحا وزوجته في الشهر الفضيل
نورة صالح

يتّفق علماء النّفس التطوريّون على أنّ الطّفل يمرّ بمرحلة تسمى "مرحلة ما قبل المفاهيم"، لا يستطيع فيها الطّفل أن يدرك المفاهيم المجرّدة التي يحدّثه عنها البالغ، كمفهوم الزّمن والأخلاقيّات والصّدف والطقوس الدينيّة أو الروحانيّة. وقد يكون حلول شهر رمضان المبارك هو أحد هذه المفاهيم الصّعبة على الإدراك لدى الأطفال، فيظلّون يتوقّعون أن يفتح الباب شيء ما أو شخص ما وأن يقول مُرحِّبًا: مرحبًا! أنا رمضان كريم! ها قد وصلت! وسأمكث معكم هنا شهرًا كاملًا، غير أنّي من الضيوف خفاف الظّل فلا تقلقوا!
وبما أنّ هذا المشهد لن يحدث بطبيعة الحال، يظلّ الأطفال الصّغار غير مدركين لما يحدث في المحيط من تحضيراتٍ واستعدادٍ لقدوم ضيفٍ خفيّ، وهذا ما تطرحه القصّة الفكاهيّة "السيّد رمضان"، لجهاد غوشة (1997)، حيث تعرض الإشكاليّة ذاتها على "ياسمينة" التي لا تعرف من هو رمضان؟ ومتى سيأتي؟ وترى في مكوثه شهرًا كاملًا حدثًا ثقيلا، وتتوقّع، كما الأطفال، أن يكون رمضان شخصًا عاديًّا مثلنا، فتسارع إلى النافذة فور سماعها بعض الأشخاص ينادون على أحدهم: "يا رمضان!" لتناديه وتعطيه كلّ ما أحضره جحا إلى البيت من مكسّرات وخضار وفواكه ومونة تكفي شهرًا كاملًا أو يزيد!
قد يبدو توظيف شخصيّة جحا في هذه الحكاية مدروسًا وملائمًا فقد اعتدنا كبارًا وصغارًا على أن قصص جحا فكاهيّة ومضحكة، وفيها بعض من السّهو أو الغباء المبطّن أحيانًا، رغم أنّ الخطأ في هذه الحكاية لا يكون صادرًا عن جحا الذي يبدو في القصّة مدركًا لقدوم شهر رمضان حيث كان يراقب مع الآخرين ظهور الهلال، وقد عمد إلى الاستعداد عن طريق توفير بعض اللوازم الضرورية وتلك المرتبطة بشهر رمضان كالجوز للقطايف والسوس وغيرها من الأشياء، لكنه داخل الحبكة لم يستطع أن يشرح لياسمينة ما يعنيه بأنّ رمضان قادم! فقد وقف حائرًا أمام السؤال ولم يجب إجابةً مفهومة، وهذا الحدث قد يتكرّر أمامنا كثيرًا عندما يطلب منّا الأطفال أن نشرح لهم هذه المفاهيم المجرّدة فلا نعرف كيف نفعل ذلك؟ إلا أنّ هذا الحدث قد رسم بدقّة الأحداث المتتالية، ما جعل النهاية مضحكة للغاية! ومن ميّزات القصص الطريفة أنها تجذب الصّغار، وتبعث إليهم بإشارات ورسائل هامّة من دون أن تغلّفها بالطّابع التعليميّ أو التربويّ وهذا ما يجعل الطّفل يحبّ ويكرر طلب قراءة ذات الكتاب أحيانًا.

تظهر البيئة الفلسطينيّة جليّة في القصّة من خلال التحضيرات والاستعدادات التي يقوم بها جحا تحضيرًا لاستقبال رمضان، كشراء الجوز ليكون حشوةً للقطايف، الخروب لتحضير شراب السوس، التمر وقمر الدين والجبنة والبذورات وغيرها من الطّيبات التي تميّز الثقافة الفلسطينيّة، كذلك اللباس الفلسطينيّ المطرّز الذي ترتديه ياسمينة على مدار القصّة. ولا بدّ أن أشير إلى أنّ الكاتبة قد أرادت من تضخيم مشتريات جحا التي احتاجت لصفحتين كاملتين حتى تظهر كلّها بأنها إمّا أرادت أن تنتقد الإسراف الذي يقوم به النّاس في هذا الشّهر، أو أنّها قصدت فقط أن تبيّن بأنّ هذه الأغراض هدفها أن تكون كافية لضيفٍ سيحلّ شهرًا كاملًا على البيت.
رسمت رسومات القصّة على يد الفنان التشكيليّ المصريّ حلمي التوني، الذي اشتهر باستخدامه لتقنيّة التصميم والزركشة في أعماله لأدب الأطفال. ومع أنّ الرسومات تبدو مختلطة ومرسومة بالحبر والألوان المائيّة إلا أنّ تقنيّة الزخرفة واضحة في تلوين هذه الرسومات التي لا يعمد الرّسام إلى إخفاء خطوطها الخارجيّة. كما بأنّه يعمد إلى ملء الصفحات بكافّة الألوان، ما يضفي على القصّة حالة من الصّخب والحركة.
ربما ترغبون في أن تحكوا للأطفال قصّة طريفة في رمضان، الآن أصبح لديكم واحدة!

  • التاريخ: 15/04/2021
  • كلمات مفتاحية: كتب