اخترنا لك
العصافير الغاضبة 2: جزيرة النّسور
اخترنا لك: أفلام
(تحذير: كشف أحداث!)
يحكي الفيلم قصة مَهَمًّة تشويقيّة سريعة الوتيرة وممتعة في معظمها. وهو يشمل الكثير من المزاح والكوميديا التي تكاد تكون سطحيّة وسخيفة أحيانًا. جزء منها قد يُضحك الأطفال ولكنها ليست تلك النكات الذكية التي ظهرت في الجزء الأول أو التي تظهر في سينما الأطفال عادة.
في هذا الجزء، تفرض قصّة الفيلم على الطيور الغاضبة والخنازير الذين كانوا أعداءً في الجزء الأول، العملَ معًا لمواجهة عدوّ جديد أكثر قوة وتهديدًا.
يبدأ الفيلم في عرض جزيرة الطيور، وفيها بطل الفيلم العصفور الأحمر "ريد"، بطل قومي ومنقذ الجزيرة، يحترمه ويحبه الجميع، نتيجة أحداث الفيلم الأول، إذ كشف خطة الخنازير بسرقة بيض العصافير. وظيفته في بداية هذا الفيلم هي الدفاع عن الجزيرة ضد ضربات وهجمات الخنازير الذين يعيشون في الجزيرة المجاورة. وبالمقابل فهو يقود فرقته المكوّنة من تشاك (العصفور الأصفر السريع) وبومب (العصفور الأسود المتفجّر)، لهجمات مشابهة ضدّ جزيرة الخنازير. الوضع القائم في الجزيرتيْن هو حرب "باردة" بعض الشيء، تتمثل بضربات وصَدّات بسيطة لا تضرّ كثيرًا بسير حياة الطيور والخنازير. يهتزّ النظام البيئي البارد هذا، عندما تظهر جزيرة جديدة -جزيرة النسور- التي تُهدّد الجزيرتيْن وتفرض عليهما العمل معًا للتغلّب على هذا التهديد الجديد.
تتّحد فرقة "ريد" مع فرقة قائد الخنازير "ليونارد"، وتنضمّ إليهما أخت تشاك "سيلفر"، وهي عصفورة تدرس الهندسة في جامعة الطيور. معًا تنطلق فرقة الانقاذ باتجاه جزيرة النسور، وتتسلّل إلى داخل مفاعلها النوويّة ومصنع قنابلها لتخرّبه وتمنعه من صنع القنابل.
بطريقة بسيطة ومجرّدة، يعرض الفيلم واقعًا سياسيًّا فيه تعيش الطيور والخنازير حالة من "إدارة الحرب"، أي أنّ هناك شخصًا في كل طرف من الصراع، مَن يعرف متى ستأتي الضربات وكيف سيتم صدّها. لا يحاول أيّ طرف وقف الضربات أو منعها، بل استمرارها يشكّل صورة منطقية من ناحية السكان والمحاربين في جزيرة الطيور وجزيرة الخنازير. بالرغم من الحرب المستمرة، يتمكن الطرفان من التعاون وفرض الهدنة، عندما يشعرون بأنّ طرفًا ثالثًا تدخّل وقام، عمليًا، بذات ما يفعلونه كلاهما يوميًا: أطلق النار عليهم. هذا الطرف الثالث يؤدّي للتعاون بين الطرفين، ما يقترح عمليًا أنّ الحرب بينهما ليست إلّا مسرحيّة لايجاد طريقة للسيطرة على نظام حياة باقي السكان في كلا الجزيرتيْن. إذا كانت الهدنة سهلة إلى هذه الدرجة فلم لا تصبح الواقع السائد؟
إضافة للطرف السياسي هذا في الفيلم، ثمّة طرف إجتماعي جندري واضح جدًا يتمثّل بدور العصفورة "سيلفر"، المشاركة الأنثى في فريق الدفاع الذي يقوده ريد. وجودها في الفريق يزعزع مكانة ريد القياديّة لعدة أسباب، أولها كونه متحفّظًا منها بشكل شخصيّ منذ بداية الفيلم، حيث تعرّف عليها في ورشة تعارف، وسئم من الحديث معها لكثرة كلامها. السبب الثاني والمركزيّ جدًا بالفيلم، هو كونها عصفورة ذكية وذات خلفية علمية وثقافيّة كبيرة جدًا، ما يؤهّلها لاقتراح خطط دفاع وهجوم عبقريّة، مقارنة بخطط ريد البسيطة. في البداية لا يثق ريد بها ولا بخططها، ولكنه خلال الفيلم يتعلّم الانصات وتقبّل رأي الآخر، ما يؤدّي به لترويض كبريائه والاعتراف بأهميّة سيلفر ودورها القياديّ الكبير. قصة سيلفر وريد هي عمليًا قصّة حبّ على نموذج "الكراهية- للحب"، واعطاء الأمور فرصة ثانية.
شخصية أخرى يعرضها الفيلم، هي شخصية زيتا – ملكة جزيرة النسور، وشريرة الفيلم، التي تحاول هدم جزيرة الطيور وجزيرة الخنازير. يعرض الفيلم قصة زيتا على أنها نسرة قد واجهت قصة حبّ فاشلة، حوّلتها إلى امرأة غاضبة وساخطة تسعى لتدمير سكان كلتيّ الجزيرتيْن. عمليًا، قصة المرأة المنتقمة هي قصّة محافظة جدًا وتعود للقرن السابق في عالم السينما. بالذات في أيامنا، حيث نجد سينما الأطفال بمعظمها تسعى لتمكين وتشجيع النساء، لا أعرف ما مكان هذه الشخصية في الحقل السينمائيّ. ربما قامت ليزلي جونز بلعب دور رائع في دبلجة الشخصية، ولكن خلفية الشخصية هي خلفية محافظة جدًا ليس لها مكان في عالم الأطفال اليوم.
باختصار، العصافير الغاضبة تعود مجدّدًا في فيلم لطيف وبسيط ومضحك. إنّه من نوع الأفلام الذي يمكن مشاهدته بكلّ سرور ومن دون قلق. ليس تحفة فنية ولكنه فيلم جيد.
الفيلم مناسب لأجيال 6 سنوات وما فوق.
- التاريخ: 04/09/2019
- كلمات مفتاحية: أفلام