Image Background

اخترنا لك

الأبطال الخارقون 2: لتغيير القانون عليك خرقه

اخترنا لك: أفلام


الأبطال الخارقون 2: لتغيير القانون عليك خرقه
لؤي وتد
الأبطال الخارقون 2: لتغيير القانون عليك خرقه

صدر في الشهر المنصرم فيلم الأطفال من استديوهات ديزني وبيكسار فيلم "الأبطال الخارقون 2". تمكن الفيلم من جني أكثر من 600 مليون دولار في دور العرض في أول أسبوعين من اصداره، فقط. الفيلم هو استكمال مباشر للجزء الأول الصادر عام 2004، ويبدأ مباشرة في اللحظة التي انتهى فيها الفيلم الأول فيه يخرج "حفّار المناجم" (Underminer) من تحت الأرض، ويهدد سلامة المدينة. يصطف أبناء عائلة بار (الأبطال الخارقون) لايقاف الحفّار. إلا أن التغلب على الحفّار يحصل في الدقائق الأولى من الفيلم، وخلاله ينكشف أفراد العائلة للميديا المحلية. انكشافهم كأبطال خارقين يحاولون انقاذ المجتمع والمدينة يحرّك ضجة اجتماعية كبيرة حول موضوع البطولة الخارقة، بالذات كونه موضوعًا ممنوعًا بالقانون.
لفهم أسس هذا الحظر في القانون على البطولة الخارقة، يذكّرنا الفيلم أن مصدره هو تخوّف السياسيين من قدرات خارقة قد تؤدي إلى الكثير من العواقب السلبية والهدّامة، فكل صراع بين بطل خارق وشرير خارق يؤدي إلى الكثير من الهدم والتخريب. نتيجة هذا القانون، ونتيجة الخراب الكبير الذي تؤدي إليه ملاحقة حفّار المناجم دون التمكن من توقيفه، يأتي أحد عملاء المخابرات لتحذير العائلة من الظهور على الملأ ويأخذهم للاختباء عن أعين الصحافة.
بعكس ما حصل في الجزء الأول، حيث حصل بوب بار (الوالد في العائلة) على فرصة عمل عند رجل أعمال، في الفيلم الثاني، الأم، هيلن، هي التي تحصل على فرصة العمل عند رجل أعمال. يتلخّص عمل الأم بمهام بطولية خارقة لمساعدة المجتمع وانقاذ المدينة بهدف اثبات قدرة الأبطال الخارقين على دعم البلاد وانقاذها وبهذا تشجيع السياسيين على تغيير القانون والسماح بوجود وظهور القدرات الخارقة في الحيز العام.
وجود الأم، هيلن، في العمل غالبية الوقت، فرض على الوالد، بوب، مواجهة التحدي في السيطرة على والديّته وقدرته على أن يكون رب منزل فعّالًا وناشطًا في التعامل مع مهام المنزل، وأبًا صالحًا في التعامل مع مراهقة ابنته البكر التي تواجه اشكاليات عاطفية، ودراسة ابنه الأوسط الذي يطلب منه مساعدته في المواد الدراسية، وقدرات ابنه الرضيع، جاك-جاك، الذي ما زال يتخبط بين قوى خارقة مختلفة (بالإضافة إلى كونه يوفّر قسما كبيرًا من اللحظات الترفيهية، الكوميدية والمضحكة في الفيلم).
أما عن الأم، ففي عملها تكشف حيلة يحيكها الشرير في هذا الفيلم، "نخّاس الشاشات" (ScreenSlaver)، يتمكن من السيطرة على عقول الناس وبالأخص على عقول الأبطال الخارقين. قدرته هذه تضع كافة العالم تحت الخطر، بالذات كونه يتمكن من السيطرة على عقل الفرد فقط من خلال السيطرة على احدى الشاشات التي من حوله (شاشة حاسوب، تلفاز أو حتى هاتف).

احياء القانون في خرقه

الجزء الثاني من فيلم "الأبطال الخارقون" يزعزع استقرار أرض عالم القانون ويذكر كافة المشاهدين بكونه مجرد عالم مبتكر وليس منزّلًا أو مقدّسًا أو أحادي القيم. يصعب ايجاد منتجات في ثقافة الأطفال تتطرق إلى عالم القانون بصورة تشكيك وتفكيك كون معظمها جاء منذ البداية لتلقين الطفل بضرورة وجود هذه القوانين وإلزاميتها للحفاظ على صحة وسلامة المجتمع الفاضل. تمامًا كما يمكننا ايجاد أفلام تتحدى مصداقية القيادة ولكن لا تتحدى ضرورة وجودها، هذا الفيلم يتحدى مصداقية القانون ولا يتحدى ضرورة وجوده. "الأبطال الخارقون 2 " يدعو المشاهدين لكسر القانون الظالم والتشكيك به وخرقه – ولكن كل هذا فقط من أجل تغييره ليصبح قانونًا عادلًا وليس للتخلص من القانون ومن حكمه.
بعد مشاهدة الفيلم لا يمكن للمشاهد الهروب من ضرورة التفكير في شرعية القانون وصحة عقلانية القائمين عليه. في جميع أنحاء العالم تسن العديد من القوانين غير العادلة، فكيف علينا التعامل معها؟ يقترح ديزني وبيكسار الثورة على هذه القوانين وكسرها بهدف تغييرها، فحتى من هو خارج عن القانون، قد يكون بطلاً في عيون البعض. هل هذه قيمة نوعية لتربية الأطفال؟ طبعاًّ أليس هذا مصدر الثورات على السلطة الفاسدة والقانون الظالم والتحجّر الاجتماعي؟

أُبوّة نسوية – مفاهيم جديدة

ربما المصطلح "أبوية" يدل على سلوك من قبل طرف معيّن، يهدف إلى الحد من حرية أو استقلال الشخص أو المجموعة المعنية لما فيه مصلحته. والنظام الأبوي هو نظام اجتماعي يرتكز على العادات والتقاليد حيث يشكل أكبر الذكور أو الأب سلطة على الزوجة أو الأولاد. لكن هذا الفيلم لا يتطرق إلى مشتقات "الأب"، بل إلى الأب نفسه – ومن خلاله يتحدى هذه المشتقات ويناقش دور الأُبوة بمفهومها المباشر في التربية.
الفيلم يقارن بين المهام التي تقوم بها الأم في العمل، والمهام التي يقوم فيها الأب في البيت (بعكس العائلة التقليدية)، وفي نهاية المطاف يبرهن أن نشاط ومهام الأب (أو الأم) في البيت (الحيز الخاص)، ليس أسهل بتاتًا من أي نشاط بطولي خارق في العمل (الحيز العام). وفي هذه النقطة يظن المشاهد أن الفيلم قد يقع في هذه المعادلة الثنائية التي يعرضها البعض كمعادلة تقليدية أبوية (بطريركية)، إلا أنه سرعان ما يبرهن أن هذه التفرقة بين الحيزين هي مجرد تفرقة سردية لدعم الحبكة في الفيلم، وسرعان ما تتلاشى في محاولة التغلّب على نخاس الشاشات.
فهل الفيلم نسوي؟ ممكن! ولكنه بلا شك، فيلم يناقش الأدوار العائلية والقوالب الجندرية بشكل واضح ومباشر.

مرآة سوداء

ذكر "نخّاس الشاشات" واختيار هذه التسمية بشكل خاص، فيها مقولة معينة تجاه العالم التكنولوجي الحديث، فيه تسيطر الشاشات على فكر الأهالي وتفصلهم عن أطفالهم. فقط بواسطة الاتحاد العائلي والتواصل بين جميع أفراد العائلة، يمكن التغلب على الشاشات السوداء التي تحيطنا من كل اتجاه وتفصلنا عن التواصل الاجتماعي المباشر. من هذه الناحية، يبدو الفيلم وكأنه حلقة أخرى من مسلسل "مرآة سوداء" الرائع.

توصية للأهالي

الفيلم مناسب لأطفال بأجيال 8 سنوات وما فوق، ففيه الكثير من المشاهد المضحكة والطريفة، بالإضافة إلى تركيبة معقدة نسبيًا من الأحداث. هذا إلى جانب بعض المشاهد المخيفة، بالذات التي يوفرها نخّاس الشاشات.
ننصح بالفيلم بشدة، بالذات كونه يضع الكثير من القوالب الاجتماعية تحت المجهر، ويوفر أرضًا خصبة لنقاشات عديدة حول أهمية القانون وأهمية العائلة في المجتمعات، كأفراد ومجموعات. بالطبع هناك أهمية لمشاهدة الجزء الأول قبل مشاهدة هذا الجزء الثاني، ولكنها ليست ضرورة مطلقة.

وكأنه حلقة أخرى من مسلسل "مرآة سوداء" الرائع
أليس هذا مصدر الثورات على السلطة الفاسدة والقانون الظالم والتحجّر الاجتماعي؟
  • التاريخ: 02/07/2018
  • كلمات مفتاحية: أفلام