Image Background

اخترنا لك

بوس بيبي – سيد الموقف، المولود الجديد

اخترنا لك: أفلام


بوس بيبي – سيد الموقف، المولود الجديد
كتب: لؤي وتد
بوس بيبي – سيد الموقف، المولود الجديد

فيلم استديوهات دريمووركس الجديد يأخذ مفاهيم الطفولة إلى آفاق الخيال الواسع أولاً ومباشرة إلى آفاق إدارة الأعمال والعالم الرأسمالي الجبّار. يعرض الراوي في الفيلم قصة انضمام أخيه المولود الجديد إلى العائلة في ظروف صعبة جداً وتراجيدية لنفسيته، حيث يظن بأن المولود الجديد جاء ليسرق محبة واهتمام والديه فيه، فمع قدوم المولود الجديد، لم يعد هو مركز نشاط والديه في الليل والنهار كما كان الوضع.
يتمحور الفيلم منذ البداية في قدرات الراوي، بطل الفيلم، الطفل تيم تيمبلتون، على اللعب المتخيّل وتصوّر الواقع كحقيقة بديلة فيها يلعب دور قبطان سفينة، أو غوّاص في الأعواق أو حتى رائد فضاء، يحاول مرة تلو الأخرى انقاذ والديه في كل من مغامراته واستكشافاته للعالم من حوله. تتغير الأحوال، حين يُعلمه والداه بأن عضوًا جديدًا سوف ينضم إلى العائلة، هو أخوه المولود الجديد.
بداية الفيلم تكشف كذلك كيفية وصول الأطفال إلى العالم في مصنع سماوي للأطفال فيه يمرون على أشرطة المصانع كما كل المنتجات الصناعية، ويمرون بامتحان أخير في خط الانتاج فيه تتم دغدغتهم بريشة. كل طفل يضحك بلطف ومتعة من الدغدغة يذهب للانضمام إلى عائلة جديدة، وكل طفل يتجاهل الدغدغة بجديّة وغضب، يتم نقله إلى مسار إداري في مصنع الأطفال.
المولود الجديد – بوس بيبي، يذهب أولاً لمسار الإدارة، وفيه يصبح عميلا سريا يعمل في المصنع، ويأخذ أول وظيفة له هي انقاذ المصنع من الخطر الرأسمالي الجديد – مصنع جراء في لوس أنجلس. الخطر المركزي في مصنع الجراء، هو كونه يتحدى مصنع الأطفال على محبة الأهل، وتُصبح المحبة هي العملة الرأسمالية المركزية في الفيلم. عند وصول بوس بيبي إلى منزل تيم، يراقب تيم سير الأمور، فيه يستقطب المولود الجديد محبة الوالدين وكامل اهتمامهم على حساب وقتهم معه في نشاطاتهم اليومية، حتى يجد نفسه يخلد إلى النوم من غير سماع قصة قبل النوم، من غير قبلات والديه ولا أحضانهم، ومن غير أغنيتهم الخاصة قبل النوم.
يبدأ تيم بمراقبة المولود الجديد، حتى يكتشف كونه عميلا سريا فيواجهه، ويتفقون معاً على تخريب مصنع الجراء الجديد، لكي يعود كل منهم إلى واقعه الحقيقي الأولي، تيم بين أحضان والديه، وبوس بيبي إلى مكتبه في مصنع الأطفال السماوي. فهل سيتمكن "الأعداء" من التعاون والاتحاد من أجل اعادة الأمور نصابها؟

تأثيرات نفسية

حصل فيلم بوس بيبي على ردود وتعليقات فاترة جداً من النقاد، كونه يضع الرأسمالية في رأس الهرم ويحوّل محبة الأهل إلى عملة رأسمالية تتصارع عليها قوى السوق والمصانع. إلا أن أبعاده النفسية غاية في الأهمية ولا يمكن تجاهلها، فيمكننا قراءة الفيلم بأكمله كواقع خيالي يتصوّره تيم من أجل مواجهة الصدمة النفسية التي يمر بها الأطفال عند انضمام أخ صغير ومولود جديد إلى عائلتهم.

بحسب نظرية عالم النفس ألفرد أدلر، هناك أهمية كبيرة جداً لترتيب الولادة في العائلة على نفسية الأطفال وعلى بلوغهم فقد يؤثر على نهج حياتهم وطريقة مواجهتهم للعالم الخارجي الاجتماعي في علاقاتهم المستقبلية، العاطفية والعملية وغيرها. بحسب أدلر عامل فرق الجيل بين الأخوين، عدد الأخوة في العائلة والوضع الاقتصادي للعائلة، لها تأثيرات كبيرة جداً على نفسية الأطفال. حيث يبقى الابن البكر ملكاً في بيته وسيداً على والديه حتى قدوم الابن الثاني، حيث يشعر بأن قدوم أخيه على حياته يجعله ملكاً مخلوعاً عن كرسيه، وتأثير تعامل الوالدين مع الموضوع غاية في الأهمية تأثيراً على نفسية الأخوين.

فيلم بوس بيبي يتعامل مع الموضوع بفكاهة رائعة، أضحكت جميع الأطفال والكثير من البالغين في صالة العرض، ويجعل الطفلين ينطلقان في مغامرات خيالية رائعة وممتعة تجعلهما يتقاربان أكثر ويتعرفان على بعضهما البعض، حتى يتمكنا من التغلب على كل الظروف الخارجية والرأسمالية.
التردد المركزي الذي قد يلاقيه الأهالي تجاه الفيلم، هو كونه يعطي تفسيراً بديلاً لكيفية وصول الأطفال إلى العالم، كما في فيلم "اللقالق" (Storks)، ولكن ما المشكلة في تخيّل حلول وتفسيرات بديلة في فترة الطفولة كجزء من خيال الطفل وتصوراته عن العالم؟ بالضبط مثل بابا نويل وجنية الأسنان وقصص أخرى يسمعها الأطفال ويصدقها في طفولتهم، تدعم أمانهم وأحلامهم وخيالهم في فترة الطفولة، فليس في هذا أي اشكالية نفسية أو تربوية، بل العكس هو الصحيح. وأما بالنسبة لموضوع الرأسمالية، فقد أصبحت حقيقة لا يمكن تجاهلها في عالمنا، وكل عرض لها في ثقافة الأطفال، لا يضر طالما الأهالي يتعاملون مع الموضوع بعقلانية وانفتاح على خيال الأطفال، ولا يدعمونها في اقتناء كل ما يطلبه الأطفال حتى تحويلهم إلى مستهلكين لانهائيين لها.

نذكر كذلك كون الفيلم معتمداً على فكرة تم عرضها في كتاب أطفال بدايةً بهذا العنوان The Boss Baby من عام 2010، للكاتبة مارلا برازي الحائزة على جائة كالديكوت العالمية لأدب الأطفال مرتين، ولكنه مجرد اعتماد أولي على الفكرة المركزية فيها المولود الجديد يغيّر نظام العائلة بأكملها ويصبح سيد الموقف المركزي عند قدومه.

في الفيلم اقتباسات كثيرة من سلاسل أفلام ضخمة وكبيرة أخرى، مثل ساحر أوز، سيد الخواتم، ماري بوبينز وغيرها الكثير، بالاضافة لفكاهة كبيرة واستهزاء وسخرية من عالم إدارة الأعمال وكونه عالماً مقنّعا وجافًا عاطفياً.
القيم المركزيّة التي يشجعها الفيلم هي الأخوة أولاً، والخيال الواسع الذي يدعم تطور الابداع والقدرة على التعامل مع تحديات العالم الخارجي. وبهذا ننصح بشدة بمشاهدة الفيلم مشاهدة مُجسّرة مع الأهالي أو مع الأخوة.

التردد المركزي الذي قد يلاقيه الأهالي تجاه الفيلم، هو كونه يعطي تفسيراً بديلاً لكيفية وصول الأطفال إلى العالم
يبدأ تيم بمراقبة المولود الجديد، حتى يكتشف كونه عميلا سريا فيواجهه
  • التاريخ: 10/05/2017
  • كلمات مفتاحية: أفلام