اخترنا لك
موانا - "لست أميرة، بل أنا موانا، ابنة الزعيم"
اخترنا لك: أفلام
موانا، أميرة ديزني الجديدة، لا تشبه أيّ أميرة عرفناها من قبل؛ فهي ابنة زعيم القبيلة، كما صرخت في وجه البطل الأسطوريّ، شريكها للفيلم: ماوي. الفيلم الجديد من إخراج جون ماسكر ورون كليمنتس، الثنائي المبدع المشارك في إخراج أفلام ديزني المحبوبة: "حورية البحر" (1989) و"علاء الدين" (1992) و"الأميرة والضفدع" (2009). وكما نرى، كان المخرجان مسؤوليْن عن الأميرة ياسمين، أول أميرة من أصول شرقية، والأميرة تيانا، أول أميرة ذات أصول أفريقية. أما موانا، فهي أول بطلة من استديوهات وولت ديزني من أصول بولينيزية.
قبل ثلاثة آلاف سنة، أبحر أشجع وأعظم البحارة في المحيط الهادئ لاكتشاف جزره العديدة. الفيلم يتمحور حول قرار الأميرة موانا بالإبحار وحدها لإثبات قدرتها على الإبحار وتحقيق أحلام أجدادها وإنقاذ جزيرتها التي خيّم عليها القحط واختفت الأسماك من ميائها. في الرحلة ينضمّ إليها "نصف-الإله" البطل الأسطوري الذي سمعت عن بطولاته في صغرها، "ماوي"، ومعًا يهاجمان سفينة قراصنة ووحشًا ناريًّا يحاول عرقلة رحلتهم لإنقاذ جزيرة موانا.
صدر الفيلم في دور العرض في شهر تشرين الثاني/ نوفمبر 2016، وفاجأ المشاهدين الذين وصفوه بفيلم ديزني الأفضل والأكثر نسويةً حتى الآن. لا شكّ بأنّ الفيلم نسويّ بامتياز، إلّا أنه ليس أول فيلم لاستوديوهات وولت ديزني يمكن وصفه بهذه الكلمات، فكما ذكرنا سابقاً، سبقه بهذا الوصف، فيلم "زوتروبوليس – مدينة الحيوانات"، وكذلك فيلم "أسطورة مريدا" وفيلم "رالف المدمّر" وغيرها. ما يميّز "موانا" هو كونه فيلماً يعرض امكانيات اجتماعية جديدة لحياة مشتركة بين الجنسين، ويتحدّى المفاهيم الحديثة للمساواة الاصطناعية، حيث تجد موانا مكاناً لاثبات قدراتها بدعم كامل في البداية من نساء القبيلة ثم بثقة تامّة من رجالها، فيما بعد.
ما يميّز موانا عن هذه الأفلام هو ليس كونه فيلماً نسوياً فقط، بل كونه فيلماً يحاكي مواضيعَ غاية في الأهمية تجتمع في فيلم واحد، يصعب ايجادها معًا في ذات الفيلم، مثل مسألة الخير والشر وكونها مسألة قابلة للنقاش، أو مسألة الثقة بالنفس والإيمان بالقدرات الشخصيّة رُغم الصعوبات التي قد يواجهها الفرد ومسألة المحافظة على البيئة والطبيعة وكذلك مسألة التعامل مع العادات والتقاليد بشكل ذكيّ وبتوجه جديد. طيلة الفيلم، تبحث موانا عن مساعدة الآخرين لها، لأنّ هذا ما نصحها به المجتمع الذي جاءت منه وترعرت فيه، إلاّ أنّ موانا تضطر في ساعة الشدة والضيق لتجاهل كل هذا وأخذ زمام الأمور لتواجهها وحدها بقدراتها الشخصية. رغم أن شريكها في الرحلة هو بطل أسطوري، إلا أنه يحتاج إلى صولجانه السحري لتحقيق بطولاته والسيطرة على قدراته، في حين يضيع صولجانه، لا يتبقى له سوى نفسه – فيجد اليأس يخيّم عليه وعلى بطولاته جميعها. عندها فقط تعلم موانا أن منفذها الوحيد هو ذاتها.
بالإضافة إلى البطل ماوي، يرافق موانا ديكٌ أخرق يعرقل طريقها مرة تلو الأخرى، إلا أنّ موانا لا تستغني عنه وتصطحب شريكًا في الرحلة، حتى يحقق هو أيضاً نجاحات قد تكون صغيرة لكنها مميزة وتفاجئ الجميع.
في خلفية الفيلم، يلعب والد موانا، زعيم القبيلة، دور المجتمع التقليديّ من جهة، حيث علمته تجارب الحياة أنّ الطريق التقليديّ هو الأكثر أمانًا، حتى تتحداه ابنته لتبرهن له أنّ الشجاعة وتحدّي المصاعب هي ذاتها كنز لا يفنى وليست القناعة بما هو متفق عليه. قد يكون الطريق نحو التغيير والنجاح صعب وشاق، إلا أنه الطريق الوحيد لتحقيق الذات والامتياز. بالإضافة إلى أنّ موانا لا تتنازل عن عادات وتقاليد مجتمعها المحافظ، بل تأخذها خطوة واحدة إلى الأمام، فهي لا تستغني عن لباسها التقليديّ ولا عن معتقدات مجتمعها بل تواجهها وتتحقق منها طيلة الرحلة. موانا تحاول فهم مصدر التقاليد المجتمعيّة التي تعيشها قبيلتها فتجد أنّ مصدرها مختلف عمّا كانت تظن وأنّ سرّ المجتمع المحافظ يكمن في تاريخه وفي المآسي التي مرّ بها، فلا تسخر منه أو تستهزئ به، بل تستغلّه كأداة نحو التغيير المجتمعي المنتظر. هذا التوجّه نحو المجتمعات المحافظة هو توجّه جديد في أفلام ديزني إلا أنه ليس جديداً في ثقافة الأطفال، فقد تعاملت معه استوديوهات لايكا في كافة أفلامها، كما ذكرنا سابقاً.
أو تفصيل القصة
يبدأ الفيلم بقصة أسطورة ماوي وكيف سرق نواة قلب آلهة الطبيعة والحياة "طا فيتي". بعد أن هرب ماوي بقلب طا فيتي هاجمه شيطان بركانيّ باسم طاكا. ماوي يجد نفسه على جزيرة مهجورة من غير صولجانه السحريّ الذي يمكنه من تغيير صورته، من غير قلب طا فيتي ومن غير حريته بالتنقل والخروج من الجزيرة. دون قلب طا فيتي، تغيب الطمأنينة عن البحار وتنتشر العواصف تقتل الغابات وتؤدّي لهلاك الجزر واحدة تلو الأخرى.
بمساعدة موانا، يتمكّن ماوي من الوصول إلى جزيرة طا فيتي، ولكن طاكا يهاجمهم مرة أخرى ويكسر إيمان ماوي بذاته. موانا تقرّر إكمال الطريق وحدها، وتتمكن من وصول جزيرة طا فيتي لتكتشف أن طاكا هي نفسها طا فيتي، لكن من غير القلب. بهدوء أعصاب وثقة كبيرة بنفسها، تتقدم موانا من طاكا لتعيد لها قلبها - حتى تتحول مجدداً إلى طا فيتي، آلهة الحياة والطبيعة.
بهذه الطريقة يبرهن الفيلم ويركّز على أهمية الاعتناء بالطبيعة وزراعتها بدلاً من سرقتها والاعتداء عليها، فالطبيعة هي أم البشر ومن غيرها لا يجدون إلا الهلاك والقحط والمجاعة. للفيلم معنى إيكولوجي بيئي واضح وفي النهاية، كما قال المخرج كليمنتس: "علمتنا الثقافة البولينيزية أنّ اليابسة والبحر يكملان بعضهما البعض، والشعب البولينيزيّ لا ينظر إلى البحر كجسم يفرق بين الجزر بل يصلها ببعضها البعض".
- التاريخ: 25/12/2016
- كلمات مفتاحية: أفلام