Image Background

اخترنا لك

"الطيور الغاضبة": من الموبايل إلى صالات السينما

اخترنا لك: أفلام


"الطيور الغاضبة": من الموبايل إلى صالات السينما
"الطيور الغاضبة": من الموبايل إلى صالات السينما
"الطيور الغاضبة": من الموبايل إلى صالات السينما
"الطيور الغاضبة": من الموبايل إلى صالات السينما

كتب: لؤي وتد

في الفيلم الجديد الذي يستند إلى هذه اللعبة التي اكتسحت العالم، جرى التركيز على قصّة الطائر "ريد" الغاضب، والذي ترسله المحكمة إلى ورشة للسيطرة على الغضب

"الطيور الغاضبة" Angry Birds – من أشهر تطبيقات الألعاب في الهواتف الذكية. صدرت اللعبة بدايةً من قبل المطوّر إسبو الفنلندي روفيو موبايل (Rovio Mobile)، وبسرعة تحولت إلى نجاح عالمي وإلى تطبيق يترجم إلى جميع أنواع الأجهزة الذكية. اعتمدت اللعبة على امكانية قذف طيور مختلفة القدرات والألوان تجاه مبانٍ لهدمها، بواسطة مقلاع. أعداء هذه الطيور مجموعة من الخنازير الخضراء التي تسعى لسرقة بيض العصافير.
خلال فترة قصيرة، تحوّلت لعبة الطيور الغاضبة إلى لعبة يلعبها الجميع. ما كان يميز اللعبة هو تحولها بسرعة كبيرة إلى عالم "ترويج السلع" أو المارتشندايس، حيث يتم استخدام العلامة التجارية أو صورة لمنتج أو خدمة لبيع منتج آخر. واحد من الأنواع الأكثر شيوعا من تسويقها اليوم وأكثر مع تحديد هذه الممارسات التسويقية هو استخدام اللقطات من الأفلام أو البرامج التلفزيونية الحالية الشعبية، وخاصة الأفلام أو البرامج التلفزيونية الشعبية بين الأطفال والمراهقين، لبيع المنتجات المختلفة. الطيور الغاضبة بدأت طريقها كتطبيق للهواتف، وأصبح أحد أكبر الأسماء في عالم ترويج السلع.
بسبب هذا النجاح، أصبح الصراع بين الطيور والخنازير، مثالًا لصراعات سياسية في الواقع؛ فقد تم استعمال قصة الصراع في مقاطع ساتيرا قصيرة، كمقطع مجموعة خرابيش الأردنية "طائر النهضة أيام الثورة" لتمثيل الصراعات الداخلية بين الثوار فترة الثورة، حيث يحوي المقطع اقتباسات درجت في تلك الفترة. مقطع آخر من انتاج اسرائيلي هو "Angry Birds Peace Treaty" الناقد لمحاولات الحوار بين الطرف الاسرائيلي والفلسطيني. بالاضافة إلى عدد كبير جدًا من رسومات الكاريكاتير السياسيّة، التي تحكي قصة الصراعات بتمثيل محاولات الطيور الغاضبة للقضاء على الخنازير.
تسارعت استديوهات إنتاج الأفلام لشراء الحقوق على هذه اللعبة، لتحويلها إلى فيلم كرتوني ونجحت في هذا السباق شركة "سوني بيكتشرز إيميج وركس". الصيغة السينمائية للفيلم هي تحفة فنيّة حقيقيّة، نجح المنتجون من خلالها بالمحافظة على القصة الأصليّة وأضافوا لها شرحًا إضافيًّا لجميع التفاصيل الصغيرة.
يبدأ الفيلم في موطن الطيور، جزيرة صغيرة تمثل العالم أجمع بنظر الطيور فيها. تعيش الطيور بسعادة في هذه الجزيرة، إلّا أنّ البطل "ريد" ليس جزءًا من هذه السعادة، بل هو طير يتيم مُنزوٍ ومنبوذ منذ طفولته ويعيش بعيدًا عن المنطقة السكنيّة وحده، وميزته الكبرى كونه غاضبًا. بسبب غضبه الشديد والمزمن ترسله المحكمة لورشات سيطرة على هذا الغضب، يتعرف فيها على طيور غاضبة أخرى.
في احدى المراحل تأتي إلى جزيرة الطيور كائنات خضراء غريبة، تعرض نفسها كضيوف على جزيرة الطيور، وهي الخنازير الخضراء. تستقبل الطيورُ الخنازيرَ برحابة صدر، إلّا أنّ ريد يشكّ فيها وفي نواياها. وحقاً يصدق بشكّه فيها: فقد حضرت الخنازير لسرقة البيض من الطيور، وهي إحدى المأكولات الأشهى لديها. وهكذا يبدأ ريد بالتحضير لاستعادة البيض من الخنازير ويجمع حوله الطيور الغاضبة الأخرى ويستعدون للمعركة.
اختلف النقاد حول الفيلم كثيرًا. فقد قال البعض إنه فيلم يشجّع التعصب القوميّ ورهاب الأجانب (Xenophobia)، إذ لم يكن هناك أيّ خنزير لطيف أو طيب القلب في الفيلم. لكنّ نقادًا آخرين من عالم علم النفس أطروا على الفيلم بشدة بسبب تشجيعه للأطفال التعبير عن أنفسهم من جهة وتقبل الآخر المنزوي والمنبوذ الذي قد يكون في بعض الأحيان مجرد شخص مرّ بمصاعب كثيرة في حياته. يمثّل الفيلم حياة الطفل في بدايتها، عندما يكون ما زال في فترة مركزية الذات (Egocentrism) إذ يكون في مرحلة الطفولة غير قادر على التمييز بين الأشياء الذاتيّة وبين الأمور الموضوعيّة، ويرى نفسه بصورة أو بأخرى مركزَ العالم. بالضبط كما الطيور التي تعتقد أنّ خارطة العالم هي خارطة الجزيرة، حتى تلتقي بالآخر المختلف عنها. إلّا أنّ هذا الآخر جاء ليضرّها (في الفيلم)، فهو من جهة يسرق البيض، ومن جهة أخرى يأتي بالاختراعات الجديدة والتكنولوجيا للجزيرة. اختراعات وتكنولوجيا تأسر ألباب الطيور في البداية، إلا أنّها سرعان ما تبدأ بإلحاق الضرر بالنظام الداخليّ في القرية.
لا شكّ في أنّ الفيلم يحوي رمزية كبيرة لفترات الاستعمار وجلب التكنولوجيا والحداثة للدول النامية، مقابل سرقة مواردها الطبيعيّة، إلّا أنّ الضرر الذي لحق بتلك الدول هو كلّ ما تبقى لها من زيارة التكنولوجيا والحداثة لأراضيها.
موضوع آخر يتطرّق إليه الفيلم هو ظاهرة الإعجاب، وهو عندما يشعر الشخص بالتقدير والاحترام المفرطيْن أحيانًا تجاه شخص آخر. هذه الظاهرة تتعلق بالاعجاب الكبير تجاه شخص ما، لدرجة التجاهل التامّ لصفاته السيئة وتحويله إلى كامل خالٍ من الشوائب. تؤدّي هذه الظاهرة في الكثير من الأحيان إلى نتائج سلبيّة وإضعاف للشخصيّة. ففي الفيلم، يكون ريد، البطل، معجبًا بشكل كبير بشخصيّة النسر الأسطوريّ، حتى يتعرف عليه ويكتشف أنه طير كجميع الطيور وليس مقدسًا وقادرًا على كلّ شيء، ما يساعد ريد على الاستيقاظ من الاعجاب الأعمى ليستعيد رشده ويأخذ على نفسه مسؤولية مواجهة مشاكله بنفسه.
في النهاية، بقي أن ننصح القراء بهذا الفيلم ونشدّد على الحاجة بتجسيره للأطفال، أي الحديث عنه وعن تفسيراته مع الأطفال المشاهدين. الحوار بعد الفيلم مع الطفل يشدّد على المعاني الايجابيّة ويوضح للطفل المكاسب التي يمكنه الحصول عليها والاستمتاع بها. بالاضافة طبعًا لكوميدية الفيلم ورمزيّته السياسيّة والاجتماعيّة للمشاهدين البالغين.

اختلف النقاد حول الفيلم، فقال البعض إنه فيلم يشجّع التعصب القوميّ ورهاب الأجانب، وقال آخرون ممتدحين إنّه يشجّع الأطفال على التعبير عن أنفسهم وتقبّل الآخر المنزوي والمنبوذ
مضامين بوست كولونياليّة تتصراع مع مضامين الرهاب من الآخر في فيلم كوميديّ من الدرجة الأولى
  • التاريخ: 27/06/2016
  • كلمات مفتاحية: أفلام