ربما كلنا أطفال وبشر، لنا عيون وآذان، وفم ويدان، إلا أنّ كل واحد منا مميز بذاته وبشخصه. الاختلاف والتشابه بيننا يبلوران حياتنا في كافة طبقاتها وأجزائها، من الثقافة والسياسة والصداقة والتميّز.
في هذا المادة سوف نتطرّق لموضوع تقبّل الآخر، المختلف وحتى الغريب.
ويجري التعامل مع موضوع تقبل الآخر في الكثير من النصوص والكتب الموجهة الأطفال، وفي العادة تتعامل هذه الكتب مع هذا الموضوع من خلال عرض الصداقات الفريدة بين المختلفين.
في التعامل مع هذا النوع من النصوص يجب أن نتذكّر القيم المركزية التي نسعى لتربية أطفالنا لها:
- الاعتراف بشرعية الاختلافات بين الأطفال خاصّة، وبين البشر عامة.
- الاختلاف هو تميّز، وهذا التميّز هو بلا شكّ إيجابيّ ومثير للعجب ولحبّ الاستطلاع. هذه قيمة تثري المجتمع الأطفاليّ وتساعد على انفتاحه لثقافات أخرى كأداة لتنمية المعرفة والتسامح.
- لكلّ فرد هناك ما يميّزه بشكل فريد من نوعه. قد يظهر هذا التميّز بصور مختلفة وأشكال وألوان متنوّعة، وتقبل الآخر يساعد على دعم الفرد لتطوير تميّزه.
- ناتج عن هذه القيم، أنه بامكان كلّ فرد أن يتعلّم شيئا مفيدًا من الآخر، فطفل مكشوف للعالم بأوسع صوره، هو طفل يتعلم شيئًا جديدًا كلّ يوم.
1- بُمبُم يرى بالمقلوب / نص: يوسي جودارد، رسومات: كرميت جلعادي-بولارد، ترجمة: علاء حليحل
"يقوم والدا فرخ البوم، بمبم، بتعليمه القراءة، ويكتشفان أنه يعاني مشكلة غريبة؛ فهو يقرأ في الاتجاه المعاكس.
وفي الليلة التي تجري فيها مسابقة القراءة لكلّ فراخ البوم، يفكر والدا بمبم جيداً ويبحثان عن حلّ: كيف سيشارك ابنهما في الاحتفال من دون أن تسخر منه الأبوام." (عن الغلاف)
في مادة سابقة "بُمبُم يقرأ بالمقلوب: عن العسر التعلمي والتكيّف المجتمعي"، ذكرنا الكتاب ككتاب يتعامل مع مواضيع كبيرة ومعقّدة مثل العسر التعلمي والتكيّف الاجتماعي وتميّز الأفراد بحكمة كبيرة. بالإضافة إلى هذا، فهو كتاب يتطرّق بشكل مباشر لتقبّل الفرد ذاته واختلافه، وتقبّل الآخرين له. بهذه القراءة يمكن للطفل أن يتواصل بشكل مباشر مع هذا التقبّل ويسقط من ذاته على الكتاب حيث ينكشف هو لتميّز من قد يكونون مختلفين عنه أو من يقومون بالنشاطات المختلفة بطرق غريبة وغير واضحة له. حتى من يقرأ بالمقلوب، قد يكون صديقًا ومميزًا وبومة ككلّ البوم.
مادة مطولة عن قصة "بُمبُم يرى بالمقلوب"
2- العملق والقنقن / نص: جيورج بدلنسكي، رسومات ينس راسموس، ترجمة: شادية حلو
العملق والقنقن هي قصة تتعامل مع الكثير من الأمور في العلاقة بين الأصدقاء، من التنمّر والاعتداء الكلامي، وحتى تقبّل الآخر والمختلف. أبطال القصة هم العملق كبير الحجم ذو البنية القوية والشخصية غير المهذّبة والمُسيئة للآخرين، والثاني هو القنقن، صغير الحجم وضعيف البنية والشخصية وسريع البكاء. تحكي القصة عن تبلور علاقة الصداقة بين الاثنين وتعمّق علاقتهما وتقبلهما الواحد للآخر بالرغم من اختلافهم.
تقبل الآخر والتسامح هما القيمتان المركزيّتان في هذه القصة وهي تناسب أجيال 4-7 سنوات.
3- طفلة الغابة / نص: ريتشارد إدواردز، رسومات: يارا بامية، ترجمة: وسيم الكردي
قصّة تتعامل بشكل مباشر مع ازدواجية الطبيعة والثقافة البشرية وتضع تركيزها على الطريقة التي تأسر فيها الثقافة البشرية الطبيعة وتحاول السيطرة عليها. طفلة الغابة هي طفلة بلغت وترعرعت في الغابة، وفي أحد الأيام تلتقي بطفل بلغ وترعرع في منزل حيث الثقافة البشرية. في مرحلة معينة يأسر والد الطفل الصيّاد طفلة الغابة ويأخذها إلى بيته محاولا ترويضها وتعليمها أسس الحياة البشرية. لا يتمكّن الصياد من فهم شخصية الطفلة واختيارها بالحياة الطبيعية بين حيوانات الغابة.
القصّة تتعامل مع موضوع تقبّل الآخر المختلف وخياراته التي قد لا تتماهى مع القيم التي يؤمن بها الفرد. القصّة تناسب أجيال 4-8 سنوات وتتعامل مع موضوع تقبّل الآخر بجديّة من غير أيّ محاولات تلقينيّة.
4- ليلي الحمقاء / نصّ: ميتة فيذسو، رسومات: ستينه إلوم، ترجمة: دنى غالي
تتعامل القصّة مع الطفلة ليلي الصغيرة الشقية، التي تحاول شقّ طريقها في التعرّف بالكلمات والحروف، ومعانيها ومركّباتها المختلفة. ليلي تأخذ المصطلحات ومعاني الكلمات بمحاولة السيطرة عليها حتى أبعد الحدود، وتخوض تجربة مشابهة بتجربة بينوكيو في أرض الحمقى. هكذا تتمكّن ليلي من التشكيك بالمعاني وتفرض على الآخر المختلف تقبّل اختلافها، وهي بدورها تبلور إمكانية تقبّل الآخر واستيعاب فهمه وقدرته على تفهّم الكلمات، حتى عندما تكون مختلفة عن طريقتها الشخصيّة.
ليلي الحمقاء هي قصّة عن العفويّة الطفوليّة، وتناسب أطفال 5-8 سنوات، لتساعدهم على التعامل مع اختلاف الآخرين وتميّزهم الخاص.
5- التمساح الصغير يبحث عن صديق / نصّ ورسومات: دنيلا كولت، ترجمة: عبير مجاهد
عن الغلاف: التمساح يحب أن يتنزه، لكنه يتنزه بمفرده. وأحيانا يفكّر في إعداد وجبة لذيذة. ولكنه يتناولها أيضا بمفرده. أحيانا يكون معكّر المزاج من كثرة الملل. وأحيانا أخرى، يعيش في أحلام اليقظة، فيتخيّل نفسه يملك العالم بأكمله. الحالة واضحة: التمساح يشعر بالوَحدة. مجموعة تتكوّن من ثلاث قصص تهدف إلى تشجيع الطفل على قبول الآخر المختلف والتعايش معه والإحساس به.
هذا الكتاب يناسب أطفال بأجيال 4-7 سنوات، وهو يتعامل مع موضوع تقبل الآخر حتى بأكبر اختلافاته وتميزه.
6- الجنية الغجرية / نص: ميس داغر، رسومات: ضحى الخطيب
قصة عن الخوف من الآخرين المختلفين بلسان طفلة صغيرة خائفة من امرأة يصفها الأطفال بأنها "جنيّة غجريّة". السؤال المركزيّ في الكتاب هو: هل من الممكن أن تأكل الطفلة بعض الفراولة والبرتقال والتفاح مع "الجنيّة" في النهاية؟ يبدو هذا لذيذًا. كذلك يسأل الكتاب "هل يوجد في حيّكم شخص غريب تخافون منه؟" ويجيب بجديّة، ربما هو أيضا يخاف منكم.
ذكرنا هذه القصة في مادة "كيف أتعامل مع مخاوف أطفالي وأيّ قصص أقرأ لهم؟"، حيث هي بلا شك تتعامل مع الخوف من الغرباء من خلال مدح تقبّلهم الآخر والمختلف من غير إلقاء تهم وآراء مسبقة، لها إسقاطات مجتمعيّة لا يُستهان بها. الكتاب يناسب الأطفال بأجيال 4-7 سنوات.
7- حارة مرّو / نص: أنس أبو رحمة، رسومات: يارا بامية
تتناول القصّة مغامرات طفل ضاع والداه في البحر، وظلّ هو في البيت، ينتظر خبرَا عنهما ويذهب إلى المدرسة، ويحاول صنع الكعك لهما ويصادق مروّ كناس الحارة.
الصداقة البين- طبقيّة بين الطفل وكنّاس الحارة تمثّل تقبّل شفافية الطبقية الاجتماعية بنظر الأطفال، حيث لم تهدم الثقافة الطبقية بعد، المساواة الطبيعية في ذهن الطفل بين الأعمال المختلفة التي يقوم بها الأفراد.
مادة مطولة عن قصة "حارة مرّو"
8- أعجوبة / نص: آر جي بالاسيو، ترجمة: إيهاب عبد الحميد
يعرض الكتاب قصة أوجُست (August)، طفل في العاشرة من عمره، ولد بطفرة جينيّة نادرة جدًا أثّرت على وجهه. وبعد العديد من العمليّات الجراحيّة، ازداد سوء صورته بشكل كبير. يبدأ الكتاب عندما تقترح عليه والدته الانضمام إلى الصفّ الخامس في المدرسة القريبة، ويتابع الكتاب قصة أوجُست وهو يخوض معاركه اليوميّة كطفل مميّز ومختلف في مجتمع أطفال لا يرحم المختلف. يكمن سرّ الكتاب في واقعيته المؤلمة التي تصف شدّة الأطفال على بعضهم البعض، وفي ذات الوقت توّفر الأمل الحقيقيّ الدائم في وجود أفراد صالحين في المجتمع الأطفاليّ. أفراد لا تخدعهم شراسة تقبّل الآخرين ولا الضغط الاجتماعيّ. هؤلاء الأفراد هم من يصنعون العالم ويحافظون على بقائه، وهم الأبطال الخارقون بحقّ؛ هم الأعجوبة الحقيقيّة.
الكتاب يناسب أجيال 10 وما فوق، ولكن لا بدّ من الذكر أنه أحد أصعب كتب الفتيان وأشدّها من ناحية عاطفية (يتحدى "ما تخبئه لنا النجوم" بسهولة) بالذات لأنه يتعامل مع موضوع تقبّل الآخر بصورة طاهرة وغير متهاونة. بالرغم من هذا، ننصح بشدة بقراءة الكتاب.
مادة مطولة عن قصة "أعجوبة"
9 – البطة القبيحة / هانس كريستيان أندرسن
نقد كثير كتب حول قصة البطة القبيحة، كونها قصة تعرض عدم تقبل المجتمعات الحيوانية المختلفة للبطة "القبيحة" لمجرد كونها "قبيحة". طبعًا نقد هذه القصة هو شرعي جدًا ومنطقي، ولكن برأيي الشخصي، من أجل التعامل المنصف مع قصة لهانس كريستيان أندرسن، علينا أن نقرأها ونفهمها كقصة من قصصه. أقصد بهذا أن قصص أندرسن جاءت بمعظمها لنقد آفات المجتمع المختلفة، فهو من كتب "بائعة الكبريت"، و"حورية البحر"، وقتل كلتا البطلتين، كوصمة عار على وجه البشرية. ما قصده أندرسن بنظري في قصة البطة القبيحة، ليس إلا نقدًا لاذعًا لسطحية المجتمع التي تتقبّل الآخر فقط عندما يعجبها شكله الخارجي. وهي ليست قصة مع نهاية سعيدة، بل قصة محزنة بشدة ليس أقل من "بائعة الكبريت".
بسبب النقد للقصة، وإشكالية قراءتها غير الواضحة بشكل مباشر. أنصح بقراءة القصة، بشرط نقاشها مع الأطفال. بسبب هذه التركيبة للقصة فبرأيي هي مناسبة أكثر لأجيال 5 سنوات وما فوق.
10- Something Else / نص: كاثرين كيف، رسومات: كريس ريدل
شيءٌ آخر هو كتاب أطفال يعتبر قمة أدب تقبل الآخر، وقد حصل على أول جائزة تقدمها يونيسكو لكتاب أطفال يعنى بالتسامح وتقبل الآخر. للأسف لم يترجم هذا الكتاب للعربية بعد، ولكنه ترجم إلى العبرية واليونانية والإيطالية وغيرها الكثير من اللغات. يحكي هذا الكتاب قصة "شيء آخر" (اسم البطل)، الذي لا ينتمي لأي مجموعة لأنه لا يشبه أي مجموعة، فهو شيء آخر. لا يلعب مع الجميع، ولا يأكل كما يأكل الجميع ولا يرسم نفس الرسومات، فكل شيء عند شيء آخر، هو شيء آخر. في أحد الأيام، يلتقي شيء آخر بـ"شيء مختلف"، لا يشبهه، ولا يشبه أي شيء يعرفه. وهنا تبدأ القصة بالتبلور والاحتداد.
ننصح بهذا الكتاب بشدة، فهو بحق كتاب يناسب جميع الأجيال وجميع الثقافات وهو من أفضل ما صدر في مجال التسامح وتقبل الآخر.
(في حال وُجدت هذه النصوص في متاجر أخرى، يمكن التواصل مع موقع حكايا، لكي نضيفها في المادة)
تعليقات (0)
إضافة تعليق