Image Background

اخترنا لك

أعجوبة - wonder - قمة أدبية وسينمائية جديدة

اخترنا لك: كتب


أعجوبة - wonder - قمة أدبية وسينمائية جديدة
لؤي وتد

"أعجوبة" هو من كتب الأطفال (والفتيان بالأخصّ) المعدودة التي تتعامل مع ثقافة الأطفال بطهارة وسذاجة وصراحة مطلقة. لا يحاول الكتاب تجميل الأمور، ولا تخفيف الصدمات، ولا حتى الوعظ والتلقين للتربية "الصحيحة". يكمن سرّ الكتاب في واقعيته المؤلمة التي تصف شدّة الأطفال على بعضهم البعض، وفي ذات الوقت توّفر الأمل الحقيقي الدائم في وجود أفراد صالحين في المجتمع الأطفاليّ. أفراد لا تخدعهم شراسة تقبّل الآخرين ولا الضغط الاجتماعيّ. هؤلاء الأفراد هم من يصنعون العالم ويحافظون على بقائه، وهم الأبطال الخارقون بحقّ؛ هم الأعجوبة الحقيقيّة.
صدر الكتاب عام 2013 لمؤلفته آر جيه بالاسيو وأصبح أحد أنجح الكتب وأكثرها مبيعًا لجماهير الفتيان والبالغين على حدّ سواء. نجاح الكتاب وقدرته على التعامل مع موضوع تقبّل الآخر بهذه الصورة، أدخلاه على برنامج التدريس للصفوف الخامسة في الولايات المتحدة. ولقد قام المترجم أيهاب عبد الحميد بترجمة الكتاب وإصداره باللغة العربية.
يعرض الكتاب قصة أوجُست (August)، طفل في العاشرة من عمره، ولد بطفرة جينيّة نادرة جدًا أثّرت على وجهه. أجريت لأوجُست العديد من العمليّات الجراحيّة، لكن نتيجتها لم ترحمه من ردود الفعل من حوله. يبدأ الكتاب عندما تقترح عليه والدته الانضمام إلى الصفّ الخامس في المدرسة القريبة، بعد أن تربّى وتعلّم في البيت حتى تلك اللحظة. يتابع الكتاب قصة أوجُست وهو يخوض معاركه اليوميّة كطفل مميّز ومختلف في مجتمع أطفال لا يرحم المختلف.

" أعرف أنني لست طفلا عاديا في العاشرة من عمره، الأطفال العاديّون لا يراهم الناس فتتّسع أحداقهم لرؤيتهم أينما ذهبوا!!"

القصة مكتوبة بلسان المتكلم، ومقسّمة لعدة متكلمين أو رواة، يعرضون سير الأحداث من وجهات نظرهم. الرواة هم "أوجي" بنفسه، وصديقان له، وأخته البكر "فيا"، وصديقان لها، إذ يعرض كلّ واحد منهم تأثير وجود "أوجي" على حياته والدور الذي يأخذونه بالتعامل الاجتماعيّ معه. في الكثير من الأحيان نجد أنّ مواجهة أقرباء "أوجي" ليست أسهل ولا أبسط من مواجهته الاجتماعيّة بنفسه.

يتعامل الكتاب بشكل واقعي وصريح مع العلاقات الاجتماعية في المدارس الاعدادية (أو المراحل الأخيرة من المدارس الابتدائية)، وبشكل مميّز ومبدع تقترح الكاتبة امكانية اختيار التعامل بلطف ورفق. فكونك لطيفًا لا علاقة له بكونك صديقًا، وفي أغلب الأحيان هذا اللطف يكلفنا بطريقة أو بأخرى، ولكنه يستحقّ العناء. تنمو هذه الثيمة على مدار الكتاب بشكل تدريجيّ ومُتروٍّ، ولكنها حادّة وواضحة من دون أدنى شك أو تردّد. يحاول الكتاب أن يوصل لنا هذه الرسالة عن طريق سيرورة الأحداث فيه، وليس من خلال تلقين أو وعظ ثقيل ومرهق، ما يجعله كتابًا سريعًا وممتعًا جدًّا للقراءة.
أحد المواضيع التي يتعامل معها الكتاب بفطنة وحساسيّة، هو موضوع "التنمّر"، وهو الإساءة والإيذاء الموجّه من فرد أو مجموعة نحو فرد يكون الأضعف. ففي الكتاب يمر أوجي وأصدقاؤه بهذه التجربة، ويختار أوغي إخفاء هذه التجربة عن والديه، ولكن هذا لا يردعه من التعامل معها بشجاعة حتى يتمكن من التغلب عليها. وكما نرى في الكتاب بشكل واضح، هناك الكثير من التجارب التي يمرّ بها أطفالنا وتبقى خفيّة ومجهولة لنا –الأهالي والمُربّين– لكنّ جمهور الأطفال ليس متطابقًا، ويكمن الخير في الكثير من أفراده الذين يتمكّنون من التصدّي لظواهر كهذه بشجاعة.
الكتاب يناسب أجيال 10 وما فوق، ولكن لا بدّ من الذكر أنه أحد أصعب كتب الفتيان وأشدّها من ناحية عاطفية (يتحدى "ما تخبئه لنا النجوم" بسهولة) بالذات لأنه يتعامل مع موضوع تقبّل الآخر بصورة طاهرة وغير متهاونة. كذلك يعرض الكتاب فكرة القضاء والقدر وامكانية التعامل مع ما يتعدّى حرية اختيارنا وقرارنا. فالبعض يولد لعائلة غنيّة والآخر لعائلة فقيرة، البعض يولد بموهبة والآخر يطورها، البعض يولد مشوّهًا والآخر يولد جميلًا، ولكن لجميعنا إمكانية الخيار الحرّ، التي تكمن في كيفية تعاملنا مع الآخر.

أعجوبة - الفيلم

صدر في الأسبوع الماضي فيلم من بطولة جوليا روبيرتس وجيكوب تريمبلي وأوين ويلسون يعرض أحداث الكتاب. حتى الآن – جميع الردود إيجابية حول الفيلم والكثير منها تصفه كأحد أفضل أفلام الموسم.

الفيلم هو بلا شك قمة سينمائية جديدة في سينما الأطفال، كونه فيلمًا يناقش المواضيع التي عرضها الكتاب بشكل نوعيّ وعاطفيّ جدًا. مدة الفيلم 113 دقيقة، لا تجفّ فيها العيون ولا الخدود؛ فمواجهة الواقع المصّور تأخذ أحداث الكتاب خطوة إلى الأمام تجعل كلّ مشاهد(ة) في أيّ جيل يدمع لمشاهدة قساوة القدر على جميع أطراف الرواية. يتمكن الفيلم من عرض القصة، كما في الكتاب، من عدة وجهات نظر، يتم دمجها معًا للحصول على صورة كاملة للأحداث.
في غالبية المشاهد، يواكب الفيلم أحداث الكتاب، وتقريباً لا يستغني عن أيّ من عناصر الكتاب، وبالرغم من هذا فهو يبسّط ويخفف قليلاً من هول الصور والأحداث المعروضة في الكتاب، ولهذا ننصح بشدّة بمشاهدته بعد قراءة الكتاب. باختصار ننصح بشدّة بقراءة "أعجوبة"، وندعو المدارس والمعلمين لتدخيله إلى برنامج التدريس، فنحن بأمسّ الحاجة لكتب تتعامل مع مواضيع حساسة بهذه الطريقة.

لتشويقة الفيلم - اضغط هنا

مدة الفيلم هي 113 دقيقة، لا تجف فيها العيون ولا الخدود!
يتعامل مع ثقافة الأطفال بطهارة وسذاجة وصراحة مطلقة
  • التاريخ: 07/12/2017
  • كلمات مفتاحية: كتب