كان كينجي ميازاوا مدرّسًا وفيلسوفًا وناشطًا سياسيًا واجتماعيًّا، طيلة حياته القصيرة نسبيًا. توفي ميازاوا عام 1933 عن عمر ناهز 37 عامًا، وبرغم هذا، ما زال تأثيره على أدب الأطفال الياباني يفاجئ الجميع، بالذات لكونه أدبًا يناسب ويعجب أطفال اليوم بعد ما يقارب 90 عامًا على إصدار كتبه للأطفال. ويشمل بناء العوالم الخياليّة وخصائص العلاقة مع الطبيعة في نصوص ميازاوا كذلك الكثير من الرقيّ الأخلاقيّ التقدّميّ.
في السنة الماضية، قامت مجلّة غرانتا العالمية للأدب الحديث، بنشر ترجمة إنجليزية جديدة لقصّة ميازاوا "المطعم ذو الطلبيات الكثيرة". تحكي القصة مشهدًا بسيطًا وهادئًا يدخل فيه صيّادان إلى مطعم، وفي مرحلة معيّنة يدركان أنهما بنفسيْهما جزء من قائمة الطعام. في هذه القصة يعرض ميازاوا، النباتي، تساؤلاته حول شرعية أكل الانسان للحيوانات، واختيار الصيادين يأتي كرمزية كذلك للحيوانات التي اعتادا على اصطيادها.
في قصة أخرى، وهي من أشهر كتابات ميازاوا، "سيّد الرياح"، يناقش ميازاوا ردة فعل وانفعال الأطفال بلقاء "شخص غريب ذي شعر أحمرا"، وكيف تتبلور لديهم فكرة كونه روح الرياح أو سيّد الرياح، بناءً على مظهره المختلف والمفاجئ وعلاقته المشبوهة مع الطبيعة. في هذه القصة يقترح علينا ميازاوا امكانيات جديدة للتعامل مع الآخر، المختلف عمّا هو مألوف للمجتمع المحلي. ويحاول ميازاوا عرض التعدّدية البشرية وتقبّل الآخر بطريقة إبداعيّة جديدة، لم تكن لها سابقة في أدب الأطفال اليابانيّ.
أشهر وأهم إصدار لميازاوا هو كتاب "مساء سكة الحديد الفضائيّة"، فيه يسافر صديقان في قطار يجول السماء بين النجوم ويتعرّفان إلى المجرّات والكواكب المختلفة. يُعتبر هذا الكتاب أروع كتابات ميازاوا وأكثرها امتيازًا كونه يعرّف الأطفال على فكرة الإيثار، ويحكيها بمهارة بخيوط الصداقة والمأساة معًا. يشمل الكتاب رسائل كثيرة حول موضوع مسؤولية الانسان بالحفاظ على الطبيعة والكون. وقد أُنتِج الكثير من المسلسلات والأفلام التي تعرض قصّة سكّة الحديد الفضائية بصور مختلفة.
تُعدّ أعمال ميازاوا انعكاسًا لسيرته الشخصيّة واهتماماته. وقد وُلد ميازاوا لعائلة ثرية في منطقة إيوات الريفيّة، وفي شبابه رفض ميراث عائلته واعتنق النيتشرين- وهو تيار ديني بوذي. اعتناقه للنيتشرين أدى به لرفض الاستقرار والانطلاق برحلات تبشيريّة في شوارع طوكيو. اُعتبرت افكاره وآراؤه في فترة حياته كأفكار غريبة وغير مقبولة عادةً. رغم ذلك، فإنّ أفكاره اليوم تلاقي استحسان القراء في أمريكا وأوروبا بكثرة، كونها تلخّص الكثير من القيم والأخلاقيات المتّبعة اليوم.
توفي عن عمر ناهز 37 عامًا من الالتهاب الرئويّ، ولم يكن معروفًا إلى حدّ كبير ككاتب أو شاعر، ولكن ما يزال إرثه حيَّا حتى اليوم، بكونه شخصية محبوبة في أدب الأطفال.
تعليقات (0)
إضافة تعليق