انطلق معرض عمّان الدّولي للكتاب في دورته الـ "20" يوم الخميس الموافق 23 أيلول/ سبتمبر واستمرّ حتى الثالث من تشرين الأوّل/ أكتوبر، وذلك بعد انقطاع لمدّة عام كامل بسبب أزمة الكورونا. وكان المعرض الدّولي ألغي في عدّة دول عربيّة تفاديًا لانتشار الفايروس وتفاقم أعداد المصابين، إثر التجمهر المعتاد في معارض الكتب الدّولية، وبعض تحديدات السّفر والسلامة. ويشارك سنويًا في المعرض الدّولي بعمّان ما يقارب 360 دار نشر محلّية وعربيّة من 21 دولة عربيّة وأجنبيّة.
أقيم المعرض في مكانه السنويّ المعتاد مع بعض التجهيزات الاحترازيّة الجديدة، وذلك في قاعة معرض عمّان الدولي للسيارات- طريق المطار، حيث أشارت إحدى القائمات على تحضيرات المعرض بأنّ الإجراءات الصحيّة كانت بارزة هذه السّنة بسبب الجائحة، ففقد طُلب من كلّ شخص قبل الدخول إلى قاعة المعرض أن يبرز بطاقة التّطعيم الخاصّة به، وأن يتوجّه لجهاز فحص الحرارة وأن يلتزم بالكمامة. أمّا داخل القاعة فتمّت الرقابة عن طريق أجهزة الحكومة التي تفرض مخالفات مزدوجة للمخالفين، حيث تسجّل المخالفة على الشخص المشارك وعلى المؤسسة التي يعمل فيها.
أمّا بخصوص الإجراءات اللوجستية فقد تم تخصيص ركن كامل لتوقيعات الكتب والندوات الثقافيّة، مع الإعلان المسبق عن كلّ فعاليّة في الإعلان الرّسمي للمعرض، بيد أنه في سنوات سابقة كانت توقيعات الكتب تتمّ عن طريق التواصل الشخصيّ بين دار النشر والكاتب وتقام الفعالية داخل جناح الدار. وجاء هذا التغيير منعًا للاكتظاظ والتجمهر البشري داخل المعرض. وكذا الأمر مع أكشاك القهوة والطّعام التي نُقلت إلى خارج القاعة بعد أن كانت بمثابة محطّة استراحة للزائرين في نهاية القاعة، وهذا التغيير أتاح إمكانيّة فرض مسافة فاصلة أكبر بين أجنحة دور النشر المشاركة، وفي الوقت ذاته حاولت إدارة المعرض أن تحافظ على تسهيل تنقّل القرّاء داخل القاعة الكبيرة عن طريق إعداد خارطة لموقع كلّ دار نشر مع ذكر رقمها الخاصّ واسمها والدولة التابعة لها. وعملت الإدارة أيضًا جاهدة على الترويج للمعرض، إذ تم نشر الإعلانات بشكل مكثّف كلافتات في الشوارع الداخلية والخارجيّة في عمّان، وتوجيه دعوات المشاركة للجامعات والمراكز الثقافيّة ومؤسسات القطاع الخاص والعام، وتخصيص الفترة الصباحيّة من كلّ يوم لزيارات المدارس، الأمر الذي اعتاد عليه المعرض السنويّ، حيث لا تقتضي المشاركة في الندوات على البالغين فقط، بل يتم تعريف الأطفال أيضًا بأقسام المعرض وتخصيص زوايا ونشاطات خاصّة لهم.
أما بخصوص تحضيرات دور النّشر وآرائها حول المعرض بعد انقطاع عام كامل، فقد وردت بعض التعليقات المتفاوتة؛ فترى عاملة المكتبة في الدّار الأهليّة بأنّ الإقبال على المعرض جيّد ومتقارب مع الإقبال السنويّ في كلّ عام، "الفرق الوحيد هو وجود الكمامات التي لا تلغي سعادة القرّاء في العودة للتجوّل داخل أجنحة دور النشر". وأضافت بأنّ أكثر ما تُسأل عنه من الكتب هي الروايات، بالإضافة للكتب السياسيّة والدينيّة والفكريّة، وأنّ شريحة الجيل البارزة في التوجه للدار في شريحة الشّباب بالأخصّ الفتيات، والرّجال كبار السّن، وأنّ أكثر الكتب مبيعًا في جناح الدار هي: محاط بالحمقى للكاتب توماس إريكسون وكتاب العاقل لنوح هراري.
أما دار الرافدين فترى أنّ الإقبال على المعرض جيّد، خاصّة في ظلّ التوتر الاقتصادي الذي خلّفته الجائحة، فيقصد القرّاء دار النشر سائلين عن آخر إصدارات الدار التي تمّت في العامين السابقين، فيما تدرّج طلب القرّاء على الروايات أولًا، ثمّ الكتب الفلسفيّة تليها الكتب التاريخيّة، وأنّ شريحة الجيل القاصدة للدار هي الشريحة الشّابة. واعتمدت الدار في هذه السنة على تقليل عدد الكتب المشاركة من ناحيّة الكميّة والتركيز على التنويع الكبير في العناوين، والدار في طبيعتها تركّز على الكتب المترجمة وترى بأنّها تستقطب القرّاء بشكل كبير، وكانت أكثر الكتب مبيعًا: دراما في الصيد للكاتب أنطون تشيخوف، الآثم المقدّس لتوماس مان، فن الإغواء لروبرت غرين وكتاب صاحب الظلّ الطّويل لجين ويبستر.
في حين تختلف نظرة الدار العربية للعلوم بما يخصّ الإقبال على المعرض، فترى بأنّ الانقطاع ولّد نوعًا ما من الحذر والتخوّف من المشاركة في النشاطات التي تستقطب عددًا مفتوحًا من الجمهور، وأنّ الشريحة الأكثر إقبالًا على الجناح هي من عمر 30 فما فوق، بينما الشريحة الأصغر التي تقصد الدار تبدو أقلّ اهتمامًا باقتناء الكتب وأقل اطّلاعًا على الإصدارات، ومع ذلك تعتبر الدار أنّ معاودة إحياء وإقامة المعرض بعد الانقطاع الذي كان هي عمليّة مهمّة جدًا.
وقد أشادت دار طباق للنشر والتوزيع في تنظيم المعرض من كافّة جوانبه، مع ملاحظة بأنّ الإقبال يكون مضاعفًا في نهايات الأسبوع ويقلّ تدريجيًا في باقي الأيام في ساعات ما قبل العصر، وأنّ توجهات القرّاء للدار محصورة في جانبيّن: الجانب الديني، وقسم الأطفال، مع أنّ الدار أخذت في الحسبان مراعاة وتوفير أكبر عدد من الممكن أن يطلبها القارئ من كافّة المجالات، وقد برزت رواية السندباد البحري للكاتبة بثينة العيسى كأكثر الكتب مبيعًا في الدّار خلال أيام المعرض، حيث تم تجديد الكمية أكثر من مرّة في اليوم الواحد.
وأخيرًا تشير دار المنى إلى أنّ المعرض قد حاز على حركة إعلانيّة أكبر من السنوات السابقة، ما أدى إلى حركة بيع مُرضية نسبيًا لديها، مع أنّها ترى أنّ مكان إقامة المعرض يبعد بمسافة كبيرة عن وسط عمّان، ما قد يشكل عائقًا أمام الكثيرين من المشاركة. وأشارت مندوبة الدار إلى أنّ القرّاء يقصدون هذه السنة سلاسلَ وكتبَ أدب الفتيان، مقارنة لعدم السؤال عنها في سنوات سابقة، كون الجميع اعتاد على تقسيم الأدب لفئتين: أطفال وبالغين. رغم أنّ الأهل هم الذين يتصفحون الكتب في المعرض ويختارون العناوين المناسبة لأولادهم، وأكثر ما تفتقده الدار هو زيارات المدارس التي قلّت بشكل ملحوظ في الفترة الصباحيّة، حيث اعتادت الدار أن تقوم المدارس بتعريف الطلاب بشكل أكبر على الإصدارات وأن تحصّل لهم بعض العناوين المهمّة عن طريق توفيرها في مكتبة المدرسة.
أما بخصوص روّاد المعرض فقد عبّر البعض عن افتقاده للأجواء الثقافيّة بعد الجائحة، وبتراكم قوائم الكتب، ورأى البعض بأنّ المعرض زخم جدًا بالعناوين في أقسام البالغين والأطفال، وبأنّ أسعار الكتب مقبولة رغم أنّ دور النشر لم تقم بأي ترويج لحملات التخفيضات لا في الأجنحة ذاتها ولا عبر الوسائل الأخرى، فالأفراد أيضًا عانوا من الشّدة الاقتصاديّة التي عانت منها دور النشر إثر الجائحة الأخيرة، ولكن ما لا يمكن إنكاره أنّ عودة معرض عمّان الدولي للكتاب بعد الانقطاع ولّد أجواءً ثقافية واجتماعية دافئة افتقدناها منذ زمن.
تعليقات (0)
إضافة تعليق