لطالما كانت ترجمة القصص والخرافات الشعبية العربية والملاحم جزءًا من الكنز الأدبي بالإنجليزية.
لفترات طويلة استمتع العديد من القراء الفتيان بقصص مثل ألف ليلة وليلة إلى نوادر جحا. عناية بشناق تدّعي أن الأدب الشعبي العربي الشهير توفّر باللغة الإنجليزية منذ عام 1986، أي قبل سنوات كثيرة من عصر الترجمات الذي نعيشه.
ولكن الطفرة في الأدب العربي المترجم بدأت في عام 2002، حيث تم تجاهل أدب الفتيان إلى حدّ كبير. أحد أسباب هذا التراجع يعود إلى أن أدب الأطفال والفتيان عاش تراجعًا باللغة العربية. أدب الكوميكس نال تعاملًا مزدريًا من قبل المجتمع العربي. كذلك تم ازدراء الكاريكاتير. والمؤلفون الذين كانوا يتمتعون بشعبية بين القراء الفتيان، مثل أحمد خالد توفيق، لم يعودوا يؤخَذون على محمل الجد. الترجمة الأدبية من العربية أصبحت ترتكز بشكل حصري على أدب البالغين.
حققت بعض نصوص أدب الأطفال العربية نجاحًا كبيرًا في أوائل القرن العشرين وقد ترجمت إلى لغات أخرى. قصة فاطمة شرف الدين "في مدينتي حرب" ترجمت إلى الكاتالانية والقشتالية الإسبانية والبرتغالية والهولندية والفرنسية والكورية- ولكنها لم تصل إلى طاولة المترجم في الإنجليزية. عناوين مختلفة لوليد طاهر ترجمت للغتين الألمانية والفرنسية - لكن ليس الإنجليزية.
كان هناك عدد قليل من الكتب المترجمة إلى اللغة الإنجليزية في وقت متأخر أكثر. قصة إميلي نصر الله الحاصلة على العديد من الجوائز، يوميات هرّ (A Cat's Diary ، 1997) ترجمت على يد المترجمة دينيس جونسون-ديفيز، باسم "ماذا حدث لزيكو" (What Happened to Zeeko) في عام 2001. ولكن مثل معظم الترجمات الإنجليزية الأخرى للأدب العربي للفتيان، نُشرت النصوص الانجليزية في مصر ولم تنشر خارج القاهرة.
في عام 2006، تمت ترجمة دفاتر محيي الدين اللباد بعنوان The Illustrator على يد سارة كوين، وتم إصداره في نسخة ثنائية اللغة من كتب Groundwood الكندية. بعد سبع سنوات، انتهزت دار النشر Groundwood الفرصة وترجمت كتاب "فاتن" لفاطمة شرف الدين، وتمت ترجمته باسم "الخادمة".
كان هذا الكتاب الرائد إحدى أولى الموجات الجديدة من روايات الفتيان والفائز المفاجئ بجائزة معرض بيروت للكتاب في عام 2010. كما ظهرت في عام 2010 ترجمة لأحد كتب الكاتبة الإماراتية ميثاء الخياط بعنوان "طريقتي الخاصة"، الذي رسمته مايا فداوي. هذا الكتاب النابض بالحياة ترجمته شرف الدين وتمت "إعادة سرده" من قبل فيفيان فرينتش. في عام 2013، أصبح أول كتاب للأطفال العرب يتم اختياره ضمن القائمة القصيرة لجائزة كبرى في الترجمة الإنجليزية.
ساعدت كتابة شرف الدين الغزيرة ورسومات فيداوي المبهجة في إثارة الاهتمام الجديد بكتب الأطفال العربية. لدى شرف الدين الآن أكثر من عشرة كتب مترجمة للانجليزية، من كتابها المصور "ميمي" إلى روايتها "غدي وروان" وحتى رواية "فاتن". فيداوي هي الفنانة التي تقف وراء العديد من الكتب المحبوبة المترجمة إلى الإنجليزية والإسبانية والتركية والفرنسية.
الآن، يبدو أن النهضة في أدب الأطفال العربي المترجم قد بدأت. بعد سنوات طويلة، كان فيها فقط كتاب واحد أو اثنين من كتب الأطفال العربية المترجمة، إن وجدت، قد صدرت ستة كتب على الأقل في عام 2019. هذه الكتب مأخوذة من مجموعة متنوعة من الكتاب والرسامين البارزين: جلنار حجو، عبير علي، تغريد النجار، فاطمة شرف الدين، سمر محفوظ براج، أحلام بشارات، مايا فداوي وحسن مناصرة.
كانت الترجمات دائمًا جزءًا أساسيًا من أدب الأطفال، وتُعتبر حكايات هانز كريستيان أندرسن مثالاً على ذلك. وتعد Pippi Longstocking و Asterix و The Little Prince من أشهر الشخصيات الخيالية المترجمة للأطفال في العالم. لكن معظم العناوين المترجمة جاءت من عدد قليل من الدول في أوروبا الغربية.
في السنوات الأخيرة، أظهر الناشرون اهتمامًا جديدًا في أدب الأطفال المتنوع بهدف الترجمة. في عام 2016، أطلق نشطاء الشهر العالميّ لأدب الأطفال دعوة للاحتفال وتشجيع قراءة أدب الأطفال والفتيان وترجمته - وخاصة من خارج أوروبا.
"أعتقد أن موقف الناشرين تجاه ترجمة أدب الأطفال يتغير" تقول المترجمة عن العربية سعاد حسين، "بعد قول ذلك، يتعين على الناشرين الكبار الخمسة فعل المزيد لإدراج أدب الأطفال المترجم في قوائمهم وجعلهم أكثر انفتاحًا على تلقي الطلبات."
تقول حسين إنها متحمسة لرؤية ترجمات أدب الأطفال العربي. "لكن الأمر الأكثر تشجيعًا هو أن المؤلفين العرب الذين يكتبون عادة للبالغين بدأوا يأخذون الأطفال على محمل الجد ويستشهدون ويفخرون به كجزء من أعمالهم. بالإضافة، هناك المزيد من ورش العمل في العالم العربي لكتابة أدب الأطفال، وهذا بلا شك أمرٌ رائع يسعدني دائمًا".
من عقبات العلاقة بين أدب الأطفال باللغة العربية والإنجليزية هو أنّ لكل منها مميزات واتفاقيات نشر مختلفة. الكتب المصورة باللغة الإنجليزية تتمركز عادة حول 32 صفحة، ويتطلع معظم الناشرين إلى الحفاظ على أقل من 600 كلمة للأطفال. الكتب المصورة العربية، من ناحية أخرى، تشمل عادةً أكثر من ألف كلمة ولا تحتوي على عدد ثابت من الصفحات. مميزات أدب الفتيان مختلفة كذلك وليس هناك أي ميزان مشترك بينها.
مثال على ذلك هي كتب الفلسطينيتين الحائزة على جائزة اتصالات لأدب الفتيان في العربية، كتاب سونيا النمر "رحلات عجيبة في البلاد الغريبة" وكتاب أحلام بشارات "مصنع الذكريات"، التي ستصدر بالانجليزية تحت فئة أدب البالغين لأنها ليست بمقاييس أدب الفتيان في الانجليزية.
يلاحظ منظمو الشهر العالمي للطفل زيادة مطردة في ترجمة أدب الفتيان، خاصة من اللغات التي لم تُترجم كثيرًا إلى الإنجليزية حتى الآن.
تخطط روث أحمدزاي كيمب، من طاقم المنظمين، والمترجمة من العربية والروسية والألمانية للانجليزية - لشهر مليء بالمؤتمرات والحواريات الأدبية بين المعلمين والمترجمين وأمناء المكتبات والأطفال في المملكة المتحدة. من بين النشاطات التي توصي بها: إعداد خريطة للكتب التي يقرأها الأطفال خلال الشهر العالمي للطفل؛ مزج أنشطة الطبخ مع القراءة؛ وخلق الفرص للأطفال لمراجعة ونقد الكتب التي قرأوها.
بالإضافة، تؤكد سعاد حسين، على أهمية وجود تنوّع في الأدبيات من جميع أنحاء العالم للفتيان. وتقول: "في طفولتي، اعتدت على التهام كتب بيفرلي كلير، وسلسلة موسوعة براون، وBabysitter’s Club ، وSweet Valley High. لكنني لم أر نفسي كفتاة بنية البشرة فيها. لم أفهم أبداً تأثير ذلك حتى وقت لاحق في حياتي".
تعليقات (0)
إضافة تعليق