لديه مزاج سيئ، أخلاق فاسدة، ونهج عام سيء وفاسد. كان فاسد منذ الصغر!
عادة أبتعد كل البعد عن الأدب التهذيبي الذي يقدم نصائح بالأخلاق، وهذا لسبب بسيط، لأنه في معظمه أدب تقليدي وتلقيني - وهذا أكثر ما أكرهه في أدب الأطفال. هذا أول كتاب أصادفه يناقش موضوع الأخلاق بطريقة ابداعية ومن خلال قصة ذات حبكة مشوّقة ورائعة.
تحكي القصة حكاية بذرة عباد الشمس - هذا "البذرة" الذي يتخطّى الجميع في الطابور، ويُحدق في الجميع بفظاظة ولا يستمع أبداً لأي شيءٍ يقوله أحد. هل الصلاح ممكن لهذا البذرة الفاسدة؟ هل يمكن أن يتغير بمجرد اتخاذه القرار في التغيير؟ طبعًا يمكنه! وهذا ما يحدث. تحكي القصة عن طفولة بذرة عباد الشمس وكيف أصبح بذرة فاسدة، عندما تم قطفه عن الزهرة ووضعه في كيس بذور - ليقضمه مشاهد مباراة بيسبول ويبزقه على المدرجات، وكيف في نهاية الأمر، قرر بأن يتحول إلى بذرة صالحة.
تناقش القصة موضوع الأخلاق الحسنة والسيئة بطريقة مضحكة وترفيهية، بعيدة نسبيًا عن التلقين، فالبذرة يقرر أن يتغير ولكنه لا يستغني عن كل "فساده"، فهذا جزء منه. يعود الكتاب إلى طفولة البذرة وإلى سياق تحوله إلى "فاسد"، فليس هناك أحد يولد فاسد وذو أخلاق فاسدة، بل هناك من يتحول إلى فاسد وفظ (تبعًا للكتاب).
رسومات الكتاب هي بالألوان المائية الالكترونية، مما يوفّر للرسام امكانية استعمال الالوان الفاتحة التي تضفي ضبابية معينة على الشخصيات والخلفية، مما يحاكي فكرة الكتاب منذ البداية - ضبابية مفاهيم الفساد والصلاح عند الحديث عن الأخلاق.
أحببت الكتاب وأنصح جدًا بقراءته، لفتح مجال الحوار حول موضوع الأخلاق من غير تلقين مفروض وقامع ووعظي. الكتاب يناسب أجيال 4 سنوات وما فوق. للأسف هو غير متوفر في العربية، وقد صدر حديثًا جدًا في الانجليزية عن دار هاربر.
|| معلومة اضافية || طبعًا اختيار البذرة بالذات ليس عشوائيًا بل له ماض بحد ذاته. "البذرة الفاسدة" هو اسم رواية للبالغين صدرت عام 1954، للكاتب ويليام مارش، يحكي قصة طفلة عمرها 8 سنوات، يبدو أنها وُلدت فاسدة، فبالرغم من عائلتها اللطيفة والبيئة الحسنة التي ترعرعت فيها، فغريزة الطفلة سيئة. ومنذ ذلك الحين، أصبح المصطلح "بذرة فاسدة" مصطلح أمريكي مألوف يرمز للشخص السيء والفاسد بالفطرة والذي لا يمكن فهم مصدر فساده.
تعليقات (0)
إضافة تعليق