هذه القصة الرائعة، من أكثر القصص التي أحببتها فترة دراستي لأدب الأطفال. ربما بسبب كونها جريئة، وربما بسبب كونها فكاهية إلى هذه الدرجة.
تحكي القصة عن خلد صغير (لا يرى جيدًا)، يخرج في أحد الأيام من جحره، فتسقط على رأسه قطعة براز غريبة. ينطلق الخلد في جولة بين حيوانات المزرعة باحثًا عمن "فعلها" على رأسه. عند لقاء كل حيوان، مهما كان صغيرًا أو كبيرًا، يتوجه إليه الخلد بكل شجاعة ويسأله، هل أنت من فعلها على رأسي؟ فيجيبه الحيوان: "لا، فأنا لا أفعلها هكذا، بل هكذا!" ويريه شكل برازه. لا ييأس الخلد ويكمل طريقه باحثًا عمن "فعلها" على رأسه، حتى يجد زوج ذباب يقدم له يد العون ويفحص نوع البراز، ويكتشف أنه براز الكلب. ينطلق الخلد نحو الكلب، ويقف فوق رأسه و"يفعلها" على رأسه.
في هذه الحالة، سوف أعرض قراءتي للكتاب من خلال التعامل مع التخفظات المركزية منه. يقترح الكثير أن الكتاب "مقرف" أو أنه غير مناسب لأطفال عرب وذوي ثقافة عربية محافظة: وعلى هذا التعليق أرد ببساطة، أننا نتكلم عن أطفال في أجيال 4 سنوات تقريباً، أي أنهم أطفال ما زالوا يتعاملوا مع فضلات الجسد بصورة فطرية وطبيعية، فهم يتعلمون كيف يتعاملوا مع جسدهم ويسيطرون على مخارجهم، وهذا الكتاب هو أداة رائعة بنظري لكشف الأطفال لشرعية الحديث عن هذه الأمور، فهي جزء من الطبيعة البشرية والحيوانية، والتعرف على براز الحيوانات هو جزء من التعرف عليها. لذلك فأنا أرفض هذا التحفّظ ولا أوافق عليه.
أما التحفظ الثاني الذي أسمعه عادةً فهو من القرار الذي يتخذه الخلد ضد الكلب. يقول الكثيرين "ولكني لا أريد أن أعلم طفلي "اضرب من يضربك". نعم هذا صحيح، وأوافق على هذا التحفظ وهذا الدرس، ولكن! علينا أن نفهم النص أعمق من ذلك، فهذه نوعا ما هي قراءة سطحية للنص بعض الشيء. النص يتعامل مع قضية التنمر عندما يؤذي الكبير والضخم والقوي، الصغير والضعيف. ولكن الخلد لا يتنازل عن حقه، مهما كان الجسم القوي الذي أمامه كبير وعملاق. مما يؤدي طبعًا لقراءة اقتصادية أو سياسية تعبّر عن تعامل المواطن الصغير أمام قوى الدولة العملاقة، ووقوف التاجر الصغير أمام الشركات العملاقة، التي في الكثير من الأحيان "تفعلها" على رأسه، وهو ليس بيده أي حيلة.
بسبب هذه الأمور كلها، أحب الكتاب جدًا وأنصح به بشدة. الكتاب مناسب لأجيال 4 سنوات، وهو أداة رائعة لمناقشة موضوع الفضلات والفطام من الحفاظات.
# سبق ونشرنا في موقع حكايات توصية على الكتاب، من قبل المربية لبنى ناشف - مرفقة في الرابط.
تعليقات (0)
إضافة تعليق