مرة أخرى قصة حزينة، وهذه المرة لأجيال أكبر. الذئبة الأم هي قصة أطفال جميلة جداً بالذات كونها تعتمد على أسس الحكاية الشعبية التقليدية.
تحدث القصة في قرية في الغابة، في فصل الشتاء المثلج. يصطاد أحد الصيادين جروة ذئاب صغيرة ويحوّل فروتها لمعطف سميك ليدفئ طفلته سهى من برد الشتاء القارس. إلا أن لهذه الجروة هناك ذئبة أم لديها قوى ساحرة، فتلقي بلعنة تهدد الطفلة سهى. لسان اللعنة أن الطفلة سوف تموت ان لم يعيد الصياد جروتها خلال ثلاثة أيام.
لا يتمكن أهالي القرية من ايجاد أي امكانية للحل، كون الجروة قد ماتت وقد سُلخ فروها وتحول إلى معطف. فينطلق ثلاثة من أصدقاء سهى بخطة لانقاذ صديقتهم. ميمي، طفلة يتيمة وصديقة سهى المقربة، تقترح أن ترتدي هي معطف جروة الذئاب، وتتنكر لها، حتى يحتالوا على الذئب الأم وينقذوا صديقتهم سهى من الموت. تتنكر ميمي ويقودها الأصدقاء إلى مركز الغابة للذئبة الأم، التي بدورها تكتشف الخدعة في المرة الأولى. يجرب الأصدقاء مجدداً، بعد أن تتدرب ميمي على اتقان دور جروة الذئاب، ولكم الذئبة الأم تكتشف الخدعة كذلك لمرة الثانية. فتزيد ميمي التدريبات على دور الجروة الصغيرة، ويحاولوا في للمرة الثالثة. فهل ستنطلي الخدعة على الذئبة الأم؟ وهل سيتمكن الأصدقاء حقًا من انقاذ سهى؟
بسبب أن النهاية مفاجئة جدًا وأن القصة مركبة ومشوّقة جدًا، لن أذكر النهاية، بل أدعوكم جميعًا للحصول عليها وقراءتها. أحببت القصة جدًا، كونها تحكي رواية تقليدية تذكرنا بأدب الأخوين غريم، بطريقة رائعة ومشوّقة، وكأنها تقترح استعادة النموذج الكلاسيكي للقصص.
يصعب عرض تحليل معين للقصة من غير كشف نهايتها، ولكن بكلمات عامة يمكن أن أذكر أن القصة تحكي عن الصداقة والوفاء، وتتعامل بشكل ذكي جدًا مع فكرة الندم (خاصة بشخصية الصياد الذي يبكي على ما "سبّب" لابنته). تحتوي القصة على الكثير من الأسئلة حول حدود البشرية والحيوانية، حدود الطبيعة والثقافة، حدود الحقيقة والخيال - والقمة، تتمثل بحدود الخير والشر، التي تتلاشى تقريبًا بشكل مطلق في النص.
أما عن الرسومات، فهي جميلة جداً وتعرض بيئة الغابة بصورة رائعة. جزء منها ملون، والآخر أسود وأبيض بقلم رصاص. تعمق في الرسومات يكشف تصوير الطفلة ميمي والتغييرات النفسية التي تمر فيها بالنص، خلال تطور الرسومات.
الكتاب مترجم عن الفرنسية (2014)، وصادر عن دار الهدهد الامراتية عام 2018. أنصح به بشدة لأجيال 6 سنوات وما فوق. قصة رائعة!
تعليقات (0)
إضافة تعليق