يااااااه ما أروع هذا الكتاب، وكم استمتعت بقراءته. ريتشارد بايرين هو كاتب سبق وأوصيت بكتاب آخر له في توصية # 28 (هذا الكتاب أكل كلبي!)، وعند قراءة هذا الكتاب عادت الي ابتسامة حب وعشق، أحتفظ بها لهذا النوع من الكتب. هذا الكتاب يعرض فلسفة البحث العلمي بأبسط طريقة ممكنة للأطفال!
يحكي الكتاب قصة راكون يؤمن بأنه يعرف كل شيء، ويقوم بوصف وعرض نفسه على أصدقاءه (دُبَّين، نقار خشب، ثعلب وأرنب) كشخص لديه اجابة على كل شيء. فهو يجيب عن كل الأسئلة بثقة مفرطة، حتى عندما يحزر الاجابة أو يختلق شبه إجابة. في مرحلة معينة يشاهد الأصدقاء القمر ويلاحظون أنه ينقص كل يوم، فيتسائلون عن السبب. الراكون مأمون يعتقد أن هذا لغز بحاجة لتحقيق وحل، فيقيم "مقر لإنقاذ القمر"، فيه يتحرى والأصدقاء بما يحصل للقمر. الدبين عنتر وعنبر لا يظنان هذا لغز ويعتقدان أن هناك أمر آخر، فينفصلان عن المجموعة ويتحريا القضية لوحدهم.
في كل يوم يشاهد أحد الأصدقاء الدبين يقومان بنشاط مشبوه، مثل نقل مخروط طويل وحجارة كبيرة من مكان إلى آخر، فيخبرون الراكون مأمون بهذا. يظن الراكون مأمون بأن الدبان هما من يسرقان القمر، فيتهمهم بأنهم ينوون بيع حجارته، ولكنهم يأخذان جميع الأصدقاء ويكشفان أنهما أنشآ مرصد لدراسة حركة القمر، ويشرحان للأصدقاء ماذا نتج عن استعمال تلسكوبهم (المخروط الطويل الذي ظنه الراكون مأمون صاروخ فضائي).
بكلمات بسيطة وفكرة ذكية جداً، يتمكن بايرين من كشف الأطفال على واحدة من الظواهر الأكثر "غموضًا"، وهي ظاهرة تناقص القمر. هذه الظاهرة هي بلا شك واحدة من أهم الظواهر لفهم التقويم الهجري والصيني والعبري والهندي وكل التقويم القمري عامةً. يعرض الكتاب كذلك أهمية ومنطقية البحث العلمي مقابل التأويل الأعمى، ومقابل الكبرياء التي لا مكان لها في العلم والبحث. طبعًا من خلال الشخصيات يمكن التعرف على رموز أكبر مثل علاقة الدب الأكبر والدب الأصغر بالأنظمة الفلكية وفكرة دوران القمر حول الأرض.
أما عن الترجمة العربية، فهي قيمة مضافة - هي بلا شك واحدة من أفضل الترجمات التي قابلتها. اختيار الاسم مأمون، الذي يحاكي كلمة راكون وكلمة moon، هي اختيار يتفوق حتى على الاسم الانجليزي للراكون (Aldrin)، وترجمة الاسماء العلمية العربية الدقيقة لمراحل تطور القمر، واختيار عنتر وعنبر بالذات (اسم مختبر بحث للفضاء، ومركبة فضاء) ليكونوا اسماء للدببة (في الانجليزية لديهما اسمي اقمار صناعية للبحث هابل ولوفل).
باختصار.. أحببت الكتاب كثيراً وأنصح به بشدة لكل من يسعى لتربية أطفاله على النقد الفكري وعدم تقبل الأمور بمسلماتها، وبالأخص على التواضع العلمي والمعرفي. الكتاب مترجم عن الانجليزية، من اصدار دار الهدهد ويناسب أعمار 3 سنوات وما فوق.
تعليقات (0)
إضافة تعليق