نشرنا في السنة الماضية مادة متحمّسة جداً لفيلم "تشارمينـﭺ". فيها كتبنا:
يحصل التغيير المركزي في القصة، ما يقلب الأحداث رأساً على عقب، عندما يلتقي الأمير بلينور، مجرمة مهنية وخارجة عن القانون، مسحورة بقلب لا يتمكن من الحب. يقع الأمير فيليب في حبها وهي ترى فيه مصدراً سهلاً للرزق والسرقة. تتنكر لينور لفارس باسم ليني وتقود الأمير في مغامرات خطرة ومركّبة تؤدي بهم للتشكيك بالمكتوب والقدر وتشجعهم على تحدي اللعنات والسحر ليجدوا السعادة والتبات."
كل هذا جيد وحسن، ولكن كما يقولون: قدر خيبة الأمل، كقدر التوقعات. لا بل أكثر من ذلك. فيلم تشارمينـﭺ جاء ليسخر من جانر أفلام الأميرات وفكرة حاجتهن إلى أمراء، ووقوعهن في حبهم حتى من غير أن يعرفوهم. ولكنه وقع في ذات الاشكالية التي جاء لينتقدها. بل أكثر من ذلك، الفيلم كان عينيًّا جداً وجاء ليبدّد ويهزأ بفكرة "قبلة الحب" التي تنقذ الأميرات دائماً من كل كارثة – فبيضاء الثلج والأميرة النائمة استيقظتا من قبلة حب، والفيلم يهزأ بهذا في بدايته. في آخر مشهد في الفيلم، يقع الأمير على الأرض ويُغمى عليه، بتظن لينور أنه قد مات. وماذا تفعل لتوقظه؟ بالضبط! تقبّله! يا للمفاجأة الكبرى. أظن النقد الذي جاء الفيلم ليقدّمه، قد فاته وغاب عنه، لأنه وقع في ذات المصيبة.
مشكلة قُبلة الحب لا تقتصر على أن الأمير هو من يُقبّل الأميرة، وحلها لا يكون بقلب الأدوار! هذا أبسط، ونوعًا ما أسخف، حلّ يمكن اقتراحه، بالذات لفيلم يسوّق نفسه على أنه بديل لجانر أفلام الأميرات وجاء ليهزأ بها ويقترح بديلاً. أظن الحل المثالي لموضوع "القبلة" ولنقدها هو الحلّ الذي اقترحته استديوهات ديزني بنفسهم في فيلم "ملكة الثلج" (2013)، وفيه حاولت الأميرة آنا أن تقبّل كل من حولها لتحقق ما طلب منها "فعل حب حقيقي". واكتشفت في النهاية أن فعل الحب الحقيقي ليس مشروطاً بأن يكون قُبلة، ولا بأن يكون بين جنسين مختلفين، ولا حتى بأن يكون حبًا زوجيًا رومانسيًا- بل يمكنه أن يتمثل بالتضحية الخالصة من أجل أخت.
اشكالية آخر يقع في فخها الفيلم، هو كونه يمثّل المرأة البطلة على أنها ضعيفة أمام الرجل، وتقع في حبه بسرعة، وفقط تنتظر أن يحبها هو أيضاً. الفيلم يقترح في البداية أن هذه هي لعنة الأمير، أن جميع النساء يعشقنه من أول نظرة. ولكن حتى في تمثيل لينور البطلة، التي كانت تتميّز في البداية بأنها حصينة لهذه اللعنة، ولم تقع في حب الأمير، سرعان ما وقعت هي أيضًا وأصبح الفيلم يتمحور حول حبها هي للأمير. وهكذا تحوّل الفيلم الذي جاء لينتقد جانر أفلام الأميرات إلى أسوء فيلم أميرات في الجانر.
أمر آخر يقوم به الفيلم ولا بد من ذكره، للايجاب والسلب، هو أنه يموّه حدود قوالب الحب التقليدية التي تقتصر على ثنائية الجنس. ربما يقوم بهذا بطريقة حذرة جداً ولكنه بلا شك يقترح هذه الامكانية. الانجذاب الشديد الذي يتبلور بين لينور والأمير يبدأ عندما تكون لينور متنكرة لرجلاً، وكأنّ الفيلم يقترح أن الأمير بالأصل يميل إلى الرجال وليس إلى النساء. كل هذا مجرد تحليل، لأنّ الفيلم يأخذ القضية بصورة مطموسة بعض الشيء، وكأنه لا يسعى لأن يوضّح نفسه، ويخشى من الردود التي قد تواجهه، وهو الأمر الذي اقترحته أستوديوهات والت ديزني بطريقة ذكية أكثر في الماضي البعيد في فيلم "مولان" (1998).
باختصار.. ربما كانت توقعات عالية جداً من الفيلم، ولكنه خيّب الظنون جداً، ولا أظن أنه يستحق المشاهدة للمرة الثانية، فالمشاهدة الأولى، هي مشاهدة واحدة زيادة عن اللزوم.
تعليقات (0)
إضافة تعليق