اليوم، الثاني من نيسان، يصادف يوم كتاب الطفل العالمي بحسب اللجنة الدولية لأدب الصغار (IBBY).
منذ عام 1967، في تاريخ يوم ميلاد عملاق أدب الأطفال، هانس كريستيان أندرسن، الثاني من نيسان، يُحتفل باليوم العالمي لكتب الأطفال (ICBD) لإلهام وتشجيع حبّ القراءة، وللفت الانتباه إلى كتب الأطفال.
في كل عام، يتم اختيار دولة من الدول المشاركة في اللجنة لتترأس هذا اليوم، وتقدّم رؤيتها لمستقبل أدب الأطفال. في هذا العام، اختيرت لاتفيا للمشروع، التي بدورها قدمت بوسترًا رائعًا رسمه رسام أدب الأطفال اللاتفي راين بيترسونس، ورسالة هامة كتبتها مؤلفة أدب الأطفال اللاتفية كذلك، أينيز زاندير.
يوم كتاب الطفل لهذا العام هو تحت شعار "الصغير، عملاق في الكتاب".
ينجذب الانسان نحو الايقاع والانتظام، تماماً كما تنظّم الطاقة المغناطيسية نشارة معدنية في التجارب الفيزيائيّة، وتمامًا كما تخلق ندفات الثلج بلّورًا خارج الماء. في القصص الشعبية أو القصائد، يستمتع الأطفال بالتكرار والقوافي، والعناصر الموتيفية العالمية المتكرّرة لأنهم يجدونها متجدّدة مرة تلو الأخرى في الأدب- فتجلب للنص انتظامًا وإلفة. وهكذا يصبح العالم منتظمًا وعادلًا. ما زلت أتذكر كيف كنت أناضل وأحاور نفسي من أجل التناظر والعدالة، والمساواة في الحقوق لليسار واليمين: عندما كنت أدق أصابعي على الطاولة، كنت أعدّ المرّات التي يحصل فيها كل إصبع على امكانية الدق واللعب، حتى لا تستاء الأصابع الأخرى. في البداية كنت أميل إلى التصفيق من خلال ضرب يدي اليمنى على اليسرى، ولكن حينها كنت أفكر بأنّ هذا غير عادل وتعلمت أن أفعل ذلك بالاتجاه الآخر: اليسرى على اليمنى. هذا الطموح والسعي الغريزي للتوازن أمر مضحك ومُسلٍّ بالطبع، لكنه يبرهن الحاجة إلى ردع تحوّل العالم إلى مُختلّ (غير متوازن). كان لديّ شعور بأنني ذلك الشخص المسؤول عن توازن كل شيء.
لهفة الأطفال للقصائد والقصص تنبع من حاجتهم للاتيان بانتظام معيّن للفوضى السائدة في العالم. من اللاحتمية هذه، كل شيء يسعى للنظام. أناشيد المهد، والأغاني الشعبية، والألعاب، والأساطير والشعر، هي صور منظومة القوافي، تساعد الصغار على بناء واقعهم وكيانهم في الفوضى الكبيرة. فهي تُنشئ وعيًا غريزيًا بأنّ النظام ممكن في هذا العالم، وبأنّ لكلٍّ فردٍ، ذكراً كان أم أنثى، مكانًا فريدًا به. كل شيء يسعى لتحقيق هذا الهدف: التنظيم الإيقاعيّ للنصّ، وصّف الحروف وتصميم الصفحة، والانطباع العام حول الكتاب كونه هيكلاً كاملاً جيّد التنظيم. الأشياء العملاقة تتجلى في الأمور الصغيرة، ويمكننا مشاهدة هذا في كتب الأطفال حتى من غير التفكير في الله أو في الكُسيريّات. كتاب الأطفال هو قوة خارقة تعزّز في الطفل أو الطفلة الصغار طموحًا عملاقًا وقدرة على تحقيقه. كتاب الأطفال يعزّز شجاعتهم بالعيش.
في الكتاب، الصغير دائمًا كبير، فورًا- وليس فقط عند بلوغه. الكتاب هو لغز يمكن فيه العثور على شيء ما غير متوقع، أو شيء بعيد عن متناول اليد. ما لا يستطيع قراء في عمر معيّن فهمه في عقولهم أو إدراكهم، يُبقي أثرًا ويستمرّ بالحضور في أذهانهم حتى وإن لم يكن مفهومًا بشكل مطلق. يمكن لكتاب الأطفال أن يصبح صندوق كنز من الحكمة والثقافة حتى للبالغين، تماماً كما يمكن للأطفال قراءة كتاب مخصّص للكبار وإيجاد قصتهم الخاصة فيه، التي قد تمثّل تلميحًا لحيواتهم الناشئة. السياق الثقافيّ يبلور الناس، ويفرش السرير تحت الانطباعات التي ستصل في المستقبل، كما هي التجارب التي سيضطرون للمرور بها للبقاء والحفاظ على كمالهم.
كتاب أطفال يعبّر عن احترام العظمة الكامنة في ما هو صغير. إنه يدلّ على العالم الذي يتم إنشاؤه كل مرة من جديد، في جدية مرحة وجميلة، من غيرها كل شيءٍ مجرّد عمل فارغ، بما في ذلك أدب الأطفال.
أينيز زاندير
تعليقات (0)
إضافة تعليق