حكايا

اختتام "مهرجاني" الرابع: هناك حاجة ماسّة لفعالياتٍ ثقافيّة جيّدة


اختتام "مهرجاني" الرابع: هناك حاجة ماسّة لفعالياتٍ ثقافيّة جيّدة
جهشان: الهدف من مهرجاني خلق مساحة يستطيع الطفل فيها تناول كلّ شيء من دون بيع وشراء، وبناء تجربة عائليّة ثقافيّة مسرحيّة وتعليميّة ودعم العائلات المستورة ودمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة مع أقرانهم والمجتمع
كتبت: روى حلاق

شارك، الأسبوع الماضي، نحو ٩٠٠ مشارك من الأهل والأطفال من المجتمع العربيّ بمهرجان الطفل الخيريّ "مهرجاني"، المُقام في سنتهِ الرابعة على التوالي، بمبادرةٍ جمعية تطوير الخدمات الاجتماعيّة في الناصرة- البسمة وبالتعاون مع بلديّة الناصرة، تخليدًا لذكرى المربّي جوني جهشان.
استمرّ المهرجان ليوميْن متتالييْن، الجمعة والسبت الماضييْن، بمركز محمود درويش الثقافي في الناصرة، ليستقطب أطفالًا من جيل سنة ونصف السنة حتى 12 سنة، مع عائلاتهم. وقدم المهرجان أربعة عروضٍ مسرحيّة كلّ يوم على مدار يوميْن، أي 8 عروض مسرحيّة في المجمل تلائم كافة الفئات العمريّة، بمشاركة فنانين وممثلين مهنيين: منى حوا، ميساء ضو، أيمن نحاس، يسرى بركات، غسان أشقر، فؤاد عوض، والعديد. بالإضافة إلى المسرحيات تمّ تقديم عروض سيرك ومسرح شارع وفعاليات ترفيهية.
لم تخفَ على الحاضرين البسمة المنبعثة من وجوه الأطفال في كلّ مكان؛ المهرجان الخيريّ الذي أقيم بدايةً لتخليدِ ذكرى وفاة المربي جوني جهشان، بدأ عام 2006 عن طريق دعوة العائلات المستورة التي تتلقى دعمًا من جمعيّة البسمة إلى مشاهدة مسرحيّة ثقافيّة. كانت نواة هذه المسرحيّة الخيريّة انطلاقة مشروع "مهرجاني" كما أفادت مركّزة مشروع مهرجاني في جمعيّة البسمة، ريم جهشان، وهي ابنة المربي جوني جهشان، بالقول: "بعد أعوام وبعد انجابي الأطفال رأيت أنّ هناك حاجة لتوسيع المشروع ليشمل كافة الأطفال من الفئات والمستويات المختلفة ويدمجهم مع بعضهم البعض غير مقتصر على فئة واحدة، وهكذا بدأ "مهرجاني" لأوّل مرة عام 2014، وبهِ تم منح نصف التذاكر للعائلات المستورة في الجمعيّة والنصف الآخر تم بيعه".
وتابعت جهشان: "الهدف من مهرجاني هو خلق مساحة يستطيع الطفل فيها تناول كلّ شيء من دون بيع وشراء، بالإضافة إلى بناء تجربة عائليّة ثقافيّة مسرحيّة وتعليميّة، دعم العائلات المستورة، دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة مع أقرانهم والمجتمع، ومنح كلّ المجتمع العربيّ برنامجٍ ثقافي للأطفال بمستوى راقٍ يستضيف ممثلين ومسارح عربيّة وأجنبيّة، وتمرير مضامين تربويّة حول التعاون والنشاط والعمل، والتعرف بالآخر وتقبّله. وبالطبع لكلّ فئة عمريّة مسرحياتها الخاصّة بها".

المشاركون

تانيا عزّام من مدينة الناصرة، أم لطفلة واحدة تبلغ سنة ونصف السنة، لخّصت تجربتها في "مهرجاني" بالسعيدة، بكون الفعاليات والمسرحيات تحاكي أجيالًا مختلفة، ومنه جيل ابنتها. "المسرحيات ملائمة جدًا من حيث المضمون، مدة العرض غير الطويلة تمنع الطفل من الملل، والتنظيم"- كما عبّرت. وفي هذا السياق أكّدت عزّام أنّها كأم تجد صعوبة كبيرة في إيجاد فعاليات لطفلتها تكون ذات مستوى ثقافيّ وفكريّ ونفسيّ جيّد، ولا تجد مطلبها هذا بسهولة في المجتمع العربيّ، معبّرةً: "قلّة قليلة من الفعاليات تكون ذات مضمون جيّد على كافة المستويات، عدا عن أنّني أجد صعوبة في الوصول لهذه الفعاليات؛ فعلمي بها يأتي غالبًا من المعارف والأصدقاء أو شبكات التواصل الاجتماعيّ، وفي الغالب لا تكون هذه الفعاليات مدعومة اعلاميًا واعلانيًا بشكل كبير".

عروض متاحة

العروض المسرحيّة في يومها الثاني كانت متاحة للأطفال مع إعاقة سمعيّة وتحاكي مواضيع ومشاكل يحملها ذوو الإعاقة على كاهلهم، وهو أمر لافت ونادر في المسرح العربيّ بالداخل. عن هذه التجربة الاستثنائيّة أفادت جهشان بأنّ والدها أمضى السنوات العشر الأخيرة من عمرهِ مقعدًا وحاربَ لنيل حقوقه الإنسانيّة الأساسيّة، ولذلك قررنا دمج الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة في المسرحيات والفعاليات استمرارًا لمسيرة أبي، فهناك مسرحيات من دون صوت لمن يعانون إعاقات سمعية، إضافة لوجود مترجم للغة الإشارة يترجم ما يدور على المسرح، وبالمقابل وجدنا مبادرات عدّة من جمعيات مختلفة تعتني بطلاب من ذوي الاحتياجات الخاصّة، والذين ينتظرون فعاليات كهذه للاندماج بالفعاليات الثقافية والاجتماعيّة بالمدينة.
العاملة الاجتماعيّة في قسم الشؤون مع الأطفال ذوي الاحتياجات الخاصة السمعيّة والجسديّة، لما عبوي، اختارت اصطحاب تلاميذها، البالغ عددهم 13 طفلًا، إلى "مهرجاني الرابع" لكي تدمجهم في المجتمع مع أقرانهم. قائلة: "اخترت مسرحيّة "أتسمع صوتي؟" المُعدّة للأطفال مع إعاقة سمعيّة لأنني أريد لتلاميذي أن يدركوا أنّهم يستطيعون تحقيق أحلامهم وذواتهم في المجتمع والاندماج معه. فالإعاقة ليست عائقًا أمام تعليمهم وأحلامهم وطموحاتهم ومواهبهم. وبدورهم أحبّوا الفعاليات المختلفة، وخاصةً المسرحيات، بكونها تلامس واقعهم الذين يعيشونه كلّ يوم.
"تطرقت المسرحيّة آنفة الذكر إلى مشكلة هامّة يعاني منها مجتمعنا العربيّ، ألا وهي عدم تقبل المجتمع للأطفال الصمّ والبكم ورفضه لهم. فلا يعقل أن يبقى الطفل العربيّ صاحب الاعاقة في المنزل وحيدًا منعزلًا عن المجتمع. بل أتيت بهم اليوم إلى هنا لتعريفهم على الأطفال الآخرين وتطوير شخصيتهم وثقافتهم ومدارك فكرهم"، قالت عبوي.
يذكر أنّ نحو 100 طالب من المدارس الثانويّة تطوّعوا في التنظيم والترتيب، ما يشير إلى دعم المهرجان ماديًا ومعنويًا من جهات مختلفة.

تعليقات (0)

    إضافة تعليق