حكايا

مسرح الأطفال في فلسطين: أزمات وإصرار!


مسرح الأطفال في فلسطين: أزمات وإصرار!
مسرح الأطفال في فلسطين: أزمات وإصرار!
مسرح الأطفال في فلسطين: أزمات وإصرار!
يعاني المسرح العربي الفلسطينيّ في الداخل والضفة معوقات مشابهة مثل شحّ التمويل وضعف البنى التحتية للعرض في المدارس والقاعات... لكن مديري ثلاثة مسارح في المغار وحيفا ومخيم عايدة مصرّون على الاستمرار في تقديم الأفضل لطلابنا رغم كل المعوقات والصعوبات
تقرير: روى حلاق

لا شكّ بأنّ حال مسرح الأطفال في الداخل الفلسطينيّ والضفة الغربيّة غير منفصلة عن المشهدِ المسرحيّ العام، الذي يخضع لعدد من التحديات المختلفة. لكن لمسرحِ الأطفال أهميّة أبلغ بمساهمتهِ في نشأة الطفل وتأسيسِ ثقافته الفنيّة والمعرفيّة، التي ستنمو معه مستقبلًا، وهذا هو جوهر هذا التقرير المتطرق لحالات عدد من المسارح المحليّة المعنيّة بالأطفال وما تقدّمه لهم، وما هي التحديات الحائلة بينها وبين عملها الذي يُرجى منه أن يؤسّس لنقلة معرفيّة وفنيّة مجتمعيّة لا يُستهان بها.
يتطرقُ هذا التقرير لثلاثة مسارح موجّهة للأطفال، اثنان منها في الداخل الفلسطينيّ، "السيرة" و"جبينة"، وواحد في الضفة الغربيّة، وهو مسرح "الروّاد".

السيرة: دُمًى وتراث

يستهلُّ مؤسّس مسرح "السيرة"، راضي دخيل شحادة، حديثَهُ بتعريفِ اسمِ مسرح السيرة معتمدًا على سيرة بني هلال وعنترة بن شدّاد، وغيرها من السّير التي اتكأ عليها الحكواتيّ العربيّ قديمًا في حكاياته، قبل تطوّر الوسائل المختلفة واندثار الحكواتيّ كمهنة، وعلى أسلوبِ الحكواتيّ سار شحادة مستخدمًا الدمى في غالبيةِ عروضهِ المقدّمة للأطفال.
العروض التي يقدمها مسرح "السّيرة" هي نتاج تأليف وإخراج محليّيْن، باستقلال ماديّ ذاتيّ، ومن دون تمويل من أيّ جهة كانت. الطاقم صغير كما وصفه شحادة، ولكنّه شموليّ ومتنوّع، من الإخراج إلى التأليف والملابس والموسيقى، شارحًا: "نقدّم 6 مسرحيات للأطفال يُضاف إليها عرض حديث الولادة وهو "الحقيبة السحريّة"، وجُلّها يحاكي التراث الفلسطينيّ وبيئتنا العربيّة ولكن بهيئة عصريّة دراميّة غير جامدة، وهي مسرحيات تعتمد على الدمى والأقنعة أساسًا.
يتيح المسرح المتجول لمسرح "السيرة" التعدّد في الجمهور والجغرافيا من الجولان إلى النقب، وقد عُرفَ عن "السيرة" عرضه للدمى التي يصنعها العاملون فيه وفق الشخصيات المطلوبة لكلّ مسرحية على حدة. فعلى سبيل المثال استغرق صنع دمى مسرحية "ظريف" البالغ عددها 30 دمية، ستّة أشهر، رافقها تحضير الموسيقى والملابس والحوار والحبكة.


راضي شحادة

مسرح الدمى نادر في الداخل الفلسطينيّ، والسبب بذلك يعود -وفق شحادة- إلى صعوبة أنْسَنة وتحويل الدمية إلى مخلوق متكلّم: "فالطفل اعتاد على الدمية صامتة يلعب معها"، يقول شحادة، "وفجأة يجد الطفل نفسه أمام دمى تتحدّث وتتحرّك رغم يقينه بعدم فعلها ذلك حقيقة... أنا متطرف جدًا باستعمال الدمى والأقنعة لأنها تعطي نتيجة متطرّفة بالعرض، وأعني بالتطرّف أنّني أضع على المنصّة إبداعًا جديدًا غير واقعيّ. أفضل مثال على هذا الدمية، لأنّها لا تشبه الإنسان.. هي عالم إبداعيّ جديد يختلف عن المُمثّل الإنسان، وهذا ما يغريني بها، حتى عندما أشاهد التسجيلات المصوّرة بعد انتهاء العرض أنسى أنني أنا كنتُ الممثل خلف الدمى، وبهذا لا بدّ للأطفال أن يتفاعلوا مع الدمى بتعطشٍ وتشوّق، لا سيّما وأنّهم سينامون أو سينشغلون بأمورٍ أخرى إذا لم يحبّوا العرض".
ويستطرد شحادة: "بالمقابل نحن نلاقي من النّاس إقبالًا متزايدًا على مسرح دمى الأطفال بشكلٍ خاص، ربما لأنّ الدمية تجذب الطفل فيراها مخلوقًا أسطوريًّا وخياليًّا لا تشبهه في الشكل، بالإضافة إلى اتباع أسلوب المشاركة. فالدمى تسأل الأطفال والأطفال يُجيبونها بدورهم. هذا العنصر هامّ في تفاعل الأطفال مع المسرحيات ذات المضامين المختلفة. المشاركة تكسر الجدار بين الشخصيات والأطفال وتبقيهم على تواصل مع العرض. وعمومًا، الأطفال يبحثون بدرجة أولى عن التسلية بعيدًا عن النهج الوعظيّ المتبع في المدرسة، وبهذا على المسرحية أن تكون ذات جماليّة ومسليّة ضمن العناصر الفنيّة مثل الإضاءة الملوّنة والتّصميم الجميل والحركة اللافتة والصوت والموسيقى، وغيرها. وفي ضمن هذين العنصرين، أي التسلية والجمال، يأتي المغزى ضمن السياق ليفهمه الطفل بأسلوب إبداعيّ".

شحادة: على المسرحية أن تكون ذات جماليّة ومسليّة ضمن العناصر الفنيّة المختلفة، وفي ضمن هذين العنصرين، أي التسلية والجمال، يأتي المغزى ضمن السياق ليفهمه الطفل بأسلوب إبداعيّ

ويتابع شحادة: "نحن متشبّثون بأسلوب الحكواتيّ، ونعرض قضايا تراثيّة واجتماعيّة وسياسيّة معًا، وكثيرًا ما أشعر بأنّ تراثنا لم يُستغلّ كما يجب، بعضهم يلجأ لعرض المواضيع التراثية هربًا من الواقع وخوفًا من معالجة القضايا الساخنة في السياسة والمجتمع، فيرون التراث وجبة آمنة وفنيّة تريحهم عناء التحدي".
صنّف شحادة العوائق التي تواجههم في مسرح الأطفال بأكثر من مستوى. أولًا: الصعوبات الداخليّة المتمثلة بتأليف النّص وجعله قويًا متماسك البنية، إذ أنّهم يؤلّفون المسرحيات بخلاف بعض الفرق التي تضطر "لاستيراد النصوص من الخارج" على حدِّ وصفه. وبعد إنتاج النّص المسرحيّ تأتي صعوبة بناء العناصر المطلوبة للنّص والانتاج التي تستغرقُ ستّة أشهر. ويشير شحادة إلى صعوبة إيجاد أسلوب ومدرسة خاصّة: "بعضُ الفرق تنتهج في كلّ عرض مدرسة مختلفة عن الأخرى؛ فالمدارس في العالم معروفة ومن الصعب اختراع شيء جديد، ولكن يمكن المزج والدّمج بين مدرسة وأخرى".
بعد تجهيز العناصر آنفة الذكر تواجه شحادة تحديات خارجيّة بمدى إقبال الناس وتقبلهم للعرض، عدا عن قضايا التمويل، ذاكرًا أنّ "مسرح السيرة مستقلّ ماديًا، ونحن نواجه صعوبات في الموازنة بين كيفية إخراج العمل من ناحية ماديّة وبين مدخول المسرح وتدبير شؤوننا الحياتيّة كمسرحيّين وممثلين وعاملين، وبهذا يحتلّ الجانب الماديّ صعوبة كبيرة أمامنا". ضرب شحادة مِثال تأليفهِ 3 نصوص مسرحيّة ضخمة أهمّها "عودة أبو الريش"، وهي مسرحيّة استعراضيّة راقصة غنائيّة تحاكي حقّ العودة، وتحتوي 40 عنصرًا، ويحتاج النّصّ بين 400 إلى 500 ألف دولار ليصبح مسرحيّة وهو مبلغ كبير، وربما لن يتحقّق للنصّ أن يصبح مسرحيّة.

"الروّاد": مسرح في مخيّم

تأسّست جمعيّة "الروّاد" في مخيّم عايدة قضاء بيت لحم بالضفة الغربيّة، وهي تحوي خمس فرق فنيّة من المسرح والدبكة والموسيقى يشارك فيها من 40 إلى 50 طفلًا في كلّ فرقة، من فئات عمرية مختلفة، على نطاق محافظة بيت لحم والضفة الغربيّة، قدّموا عشرات العروض المختلفة في أنحاء العالم العربيّ والغربيّ.
يشير المدير التنفيذي لجمعية الرواد للثقافة والفنون، رئبال الكرديّ، إلى أنّ مسرح الروّاد تأسّس عام 1998 على يد مجموعة من المتطوّعين المجتمعيّين الفلسطينيّين بهدفِ توفير المناخ الصحيّ وتوفير إمكانيات فنيّة لكافة الفئات العمريّة للتعبير عن ذواتهم، وكسر الصورة النمطيّة عن الشعب الفلسطينيّ، ومن هنا جاءت مثلا مسرحيّة "إحنا أولاد المخيّم" المتطرقة لتاريخ فلسطين منذ عام 1971 ولغاية الانتفاضة الثانية، لتكون نواة أعماله.
ويقول الكرديّ إنّ "أطفال المخيم يحتاجون إلى الحرّية والعدالة، وإسرائيل تنتهك حقّ الطفل باللعب والتعلّم... وحتّى حقّ التنقّل داخل المخيّم يُنتهك لدى الأطفال من خلال إطلاق الغاز أو الرصاص. ليس هناك حد أدنى لحقوق الأطفال، ولذلك نحاول أن نعالج هذا القصور من خلال أنشطتنا- ومنها المسرح".
ينشط مسرح "الروّاد" من خلال المنهج التعليميّ، مستهدفًا الروضات والمدارس ليطرح مجموعة من العروض المسرحيّة والفنيّة التي ينفذها ويشارك في اعدادها وكتابتها وتمثيلها الأطفال أنفسهم. تُعرض هذه المسرحيات في مدارس وروضات الضفة الغربيّة من شمال الخليل إلى جنوب جنين على مدار العام. تتجسّد الفكرة الرئيسة في مسرح "الروّاد" بسماع المشكلة من الطفل وإيجاد الحلول لها، ومن ثمّ قولبتها في عملٍ مسرحيّ يكون فيه الطفل شريكًا. وعن فلسفةِ "الروّاد" يعلّق الكرديّ أنّه يعتبر الطفل جزءًا أساسيًّا من تنفيذ وكتابة العروض المسرحيّة الفنيّة؛ فهو ممثل عن صوت الطفل الفلسطينيّ، عدا عن أنّ مشاركتهم هذه تساهم في تعبير الأطفال عن ذواتهم وتفريغ ما يشعرون ويفكرون به، خاصةً في ظلّ حالة الفتور والاحباط التي يعيشها أطفال المخيم، وعدم استحقاق حقوقهم على المستوى السياسي والحقوقيّ المتمثل باعتقال الأطفال والتحقيق معهم.

الكرديّ: نعتبر الطفل جزءًا أساسيًّا من تنفيذ وكتابة العروض المسرحيّة الفنيّة؛ فهو ممثل عن صوت الطفل الفلسطينيّ، عدا عن أنّ مشاركتهم تساهم في تعبير الأطفال عن ذواتهم وتفريغ ما يشعرون ويفكرون به


رئبال الكرديّ

ويسترسل الكرديّ أنّ المسرح وسيلة هامّة لهم للتنفيس عن طاقاتهم؛ فعلى سبيل المثال: "تبلغ مساحة مخيم عايدة نصف كيلومتر مربّع فقط، يعيش فيه نحو 6,500 نسمة، وبالتالي لا مساحات للأطفال للّعب وللنوادي، والكثير من الأعمال المسرحيّة تم تنفيذها من خلال الأطفال تحاكي الحق في اللعب بشكلٍ رئيسيّ، يضاف إليه الحق في التعليم، وحتى القضايا المجتمعيّة كالتسرب من المدارس والمشاكل الأسريّة والبيئيّة والنظافة والعنف، عولجت كلّها مسرحيًا لإيجاد الحلول لهذه الاشكاليّات".
يعدّد الكردي المعوّقات والصعوبات أمام "الروّاد" بما يلي: "أولًا القصور بالإمكانيات، إذ يعمل المسرح ضمن إطار ممنهَج مبنيّ على دراسة احتياج الفعاليات للفئات العمريّة المختلفة، أهمها الأطفال؛ أي ماذا يحتاج الأطفال في مخيم عايدة في ظلّ المعاناة الإنسانيّة بالمخيم ونقص الخدمات الأساسيّة والتطويريّة الابداعيّة؟ وبهذا لدينا قصور في الإمكانيات التي تلبّي كلّ الاحتياجات للمخيم وأبنائه. المعوّق الثاني هو الاحتلال الاسرائيليّ الذي يقفُ عقبة أمام تنفيذ الأنشطة والفعاليات والمشاريع... بعض البرامج تُمنع وتُضرب الحواجز والعوائق التي تمنع الطاقم من تنفيذ برامج في الضفة الغربيّة وغزة. ومنذ سنوات نسعى لإقامة أنشطة في غزة ولكن للأسف حتى اللحظة محاولاتنا باءت بالفشل بالوصول إلى غزة لتنفيذ مشاريع وفعاليات هناك".
ويقول الكردي إنّ غياب التمويل الماديّ هو جزء من الصعوبات، "والكثير من المؤسّسات والمسارح لا تعمل إلّا بوجود تمويل وحين يتوقف التمويل يتوقف عملهم. هذه بالطبع سياسة مرفوضة؛ فمسرح "الروّاد" سيواصل عمله حتى لو غاب التمويل عنه أو تواصل. وإن عدنا للأعوام السابقة نجد أنّ مسرح "الروّاد" استطاع إكمال أعماله ونشاطاته بثبات، رغم أننا منذ 19 عامًا لم نتلقَّ أيّ تمويل ومع هذا استطعنا إقامة 20 عملًا مسرحيًّا قُدّمت في المدارس. فالتمويل الخارجيّ يفرض أجندة لا تلبي احتياجات وأولويات المجتمع الفلسطينيّ. ونحن حتى هذه اللحظة قاصرون عن توحيد العمل المسرحيّ والفنيّ وتنظيمه؛ رابطة المسرحيّين الفلسطينيّين تبذل جهدًا في هذا المضمار منذ عشرات السنوات، ووزارة الثقافة أيضًا، لكنها لا توفر إلا إيجار المقرّات ورواتب الموظفين العاملين فيها، وهكذا ينعكس غياب داعم تمويليّ رئيسي محلي فلسطيني للأعمال المسرحيّة سلبًا على المسارح الفلسطينيّة، التي تضطر للتجاوب مع الأجندة الخارجيّة والمشاريع الغربيّة الفارضة لأجندات غير ملائمة للمجتمع".

جبينة: وضع مهزلة!

"كان مسرحًا متواضعًا في قريتي البقيعة عام 1957، وكنتُ أتردد إليه بكثرة وأتطوّع في تنظيفه حتى يتسنّى لي أن أشاهد المسرحيّة مجانًا. كان المسرح عبارة عن أرض ترابيّة ("حاكورة") يأتي إليها الفتيان مع كراسيهم الخشبيّة بعد قيامنا بتسويةِ الأرض وتنظيفها حتى لا تغوص الكراسي، ضوؤنا هو سراج الكاز... منذ تلك اللحظات شغفتُ بالمسرح منذ وقرّرت اتخاذهِ مسارَ حياة"- هذا ما يقوله مؤسّس مسرح "جبينة" في حيفا، سمير خوري، حول أهميّة مسرح الأطفال.
جبينة اسم مأخوذ من مسرحيّة "جبينة"، ويفسّر خوري الاسم بأنّ مسرحيّة بيضاء الثلج مستمدّة من ثلوج روسيا حين تعجب الأم بلون قطرة الدماء المنغرسة في فستانها الأبيض وهي تحيك الثياب فتسمّيها "بيضاء الثلج"، كذلك الأمر في مسرحية جبينة التي تحاكي قصّة امرأة صانعة للجبنة في بلادنا، فيعجبها قرص جبنة جميل وتتمنّى أن تنجب طفلة جميلة كقرص الجبنة لتسميها "جبينة".

خوري: منذ نشأته يمارسُ الطفل المسرحَ عبر محاكاة الكبار، كلعبة "بيت بيوت"، التي يتقمّص بها شخصيّات واقعيّة وخياليّة مختلفة... مسرح الأطفال يجسّد قصصًا وأساطيرَ سيصطدم بها الطفل حين بلوغه سنّ الرشد


سمير خوري

"يختلف مسرح الأطفال عن المسرح الموجّه للكبار"، يقول خوري، "ومنذ نشأته يمارسُ الطفل المسرحَ عن طريق محاكاة الكبار كلعبة "بيت بيوت" وغيرها من الألعاب التي يتقمّص بها شخصيّات واقعيّة وخياليّة مختلفة. ويقول إنّ مسرح الأطفال يجسّد قصصًا وأساطيرَ سيصطدم بها الطفل حين بلوغه سنّ الرشد، كحكاية ليلى الحمراء. فالذئب على سبيل المثال يجسّدُ الرجل المُعتدي على الفتاة المتمثلة بليلى الحمراء، وهذا يختلفُ وفق المجتمعات، تارةً ظهر الذئب على أنّه بيدوفيل، وتارةً أخرى كجنديّ احتلال. لقد كانت ليلى الحمراء أوّل مسرحيّة قدّمها مسرح "جبينة"، ولم تكن ليلى ضعيفة؛ فأخذتْ معها فلفلًا أسود ورشّته بوجه الذئب حتى تتغلب عليه، وعلى هذا المنوال فإنّ بعض القصص تحاكي الطبقات الارستقراطية وأخرى الفقيرة، والمشاكل المتعلقة بالظروف السياسيّة والمجتمعيّة والاقتصاديّة".
يرى خوري أنّ مسرح الأطفال العربيّ في الداخل يعيش مهزلة: "هناك صعوبات تحيل دون إعطاء الطفل ما يستحقّه من مضامين بسبب أنّ المسؤولين عن الطفل في المدارس العربيّة بإسرائيل يعتبرون المسرح في آخر أولوياتهم؛ فهم يجلبون المسرحيات لملء حصص الفراغ فقط. هذا عدا عن فشل مشاريع عدّة بالمدارس جرّاء تقاعس المعلمين والأهالي على حدٍ سواء، إذ يعتبرون المسرحيات هامشًا في تربية الطفل وتثقيفه. ولا ينحصر الأمر في هذا: القسم الأكبر من العاملين في المسرح أصبح تجاريًا ويريد تغطية مصاريفه، فيقومون بعرض 100 مسرحيّة في العام لأخذ ميزانيات أكبر، ويعرضون في السّاحات المدرسيّة غير المهيّأة والمجهّزة من أجل تسجيل أكبر كمّ من الطلاب، الذي يساوي 20 ألفًا على سبيل المثال. نحن في مسرح "جبينة" لا نعرضُ إلّا في المسارح المهيّأة ونمتنع عن الساحات، حتى أنّ بعض القاعات المدرسيّة غير مهنيّة وتفتقد للوازم المسرح، ولكنها تبقى أفضل من الساحات تحت أشعة الشمس والمفتقدة لأدنى تجهيزات العروض".

خوري: القسم الأكبر من العاملين في المسرح أصبح تجاريًا ويريد تغطية مصاريفه، فيقومون بعرض 100 مسرحيّة في العام لأخذ ميزانيات أكبر، ويعرضون في السّاحات المدرسيّة غير المهيّأة والمجهّزة

ويضيف خوري: "بعض العروض المسرحيّة تفتقد للفصل بين الطلاب وفقًا لفئاتهم العمريّة، فيعرضون مسرحية للأطفال لجميع الطلاب من الصف البستان حتى السادس وهو أمر غير مهنيّ؛ فالمسرحيات التي تلائم البستان لا يمكن عرضها لصفوف السادس، والعكس صحيح، وكلّ هذا من أجل كسب المزيد".
في المقابل، يؤكّد راضي شحادة على إصراره على عدم تنازلهِ عن عرض مسرحيّاته في القاعات المجهّزة: "لن أتخلّى عن تصنيفي للفئات العمريّة والاعتناء بمكان جلوس الطلاب والأطفال لمنع صدى الصوت في القاعات الضخمة، ولضمان راحتهم أثناء العرض وتركيزهم، ولكن للأسف هذا يرافقه شحّ في الميزانيات نتعرض له لأنّ الوزارة تعطي الميزانيات للسنة المقبلة وفقًا لمعايير الأعداد وسواها من دون التطلع لمعايير أخرى".
ويختتمُ أنّه من حسنات مسرح الأطفال العربي في البلاد وجود فائض من الفنانين الدارسين لعلم المسرح، "كذلك لدينا فائض من الإدارات التي لا تهتم بمستوى العمل المُقدّم، قسم صغير من الأهالي يكترث بحقّ لمسرح الأطفال ويجلب أبناءه للمسرحيات، فنجد المسرح فارغًا!

تعليقات (0)

    إضافة تعليق