● ترقبوا الإعلان عن ورشات 2017 خلال الأسبوع الأول من شباط 2017 ●
ورشتان تعليميتان تحت عنوان "الكتابة للأطفال" و"الرسم للأطفال"، قدّمهما مركز الكتب والمكتبات، العام المنصرم 2016، بالتعاون مع دار الثقافة والفنون في شفاعمرو، تخرّج منهما 20 مشتركًا في كلتيّ الورشتين، بعد سيرورة من المضامين النظريّة والبحثيّة مدموجة بالكتابة والرسم الفعلييْن عبر اللقاءات الأسبوعيّة. ووفقًا لما تحمله أياديهم من موهبة، توزّع المشاركون إلى قسميْن: أوّلهما آثر أن يكتب للأطفال، والثاني اختار الرّسمَ والفنّ لمخاطبتهم. أيامٌ من التدريب والتعمّق والمحاضرات قدّمتها 7 محاضرات -على الأقل- في سبيل تطوير وإرشاد المهتمين بعالم الأطفال، نصوصًا مكتوبةً، فنًا، ورسمًا، لإنتاج عالم أفضل للطفل العربيّ.
ورشة الكتابة: مثل السباحة!
انقسمت ورشة "الكتابة للأطفال" التي تجري بدعم من مديرية الثقافة العربيّة و"مفعال هبايس"، إلى جانب نظريّ وآخر عمليّ، قدّم الأوّل عددٌ من المحاضرات حول أنواع ومجالات الأدب ضمن 4 لقاءات، والأخير قدّمته موجهة ورشة الكتابة، القاهرة عبد الحيّ، خلال 10 لقاءات تناولت بها كتابات المشتركين وأساليبهم، واهتمام الطفل، وكيف يتلقى الطفل النّصوص المختلفة، وهل هي شيّقة بالنسبة له، أم لا.
يعتبرُ أدب الأطفال أحد أهم الركائز لتربية الطفل وتثقيفه وبناء شخصيته، وبالمقابل فإنّ هذا لا يتحقّق إلا بكتابة جيّدة للأطفال ناتجة عن كتّاب ناضجين لفكر الطفل. وقد حاولت مرشدة الورشة ، القاهرة عبد الحيّ، تدريب المشتركين على النظر بعدسات طفل، إلى ذات الزوايا والاتجاهات التي يفكر بها ومحاورته عبرها، ليضيفوا له آفاقًا جديدة لم تكن بحسبانه، وهذا من خلال تمارين مختلفة مارسها المشتركون لاكتشاف وملاحظة ذواتهم، على حدّ تعبيرها.
واعتبرتْ عبد الحيّ أنّ من يكتب للأطفال يجب أن يعمل مليًّا على شخصيّته، مشبّهةً الكتابة للأطفال بدروس تعلّم السباحة، تحتاجُ تفرغًا وممارسة وملاحظة ذاتيّة. الكتابة للبالغين أسهل بكثير من الكتابة للأطفال، وبهذا مرّ المشاركون بسيرورة جعلتهم يدركون أنّ الكتابة للأطفال لا تتمّ بسهولة إمساك الورقة والقلم، بل هي أكثر جديّة وتعمقًا وعملًا وتأملاً؛ فالكاتب المنفتح يستطيع الكتابة بطريقة منفتحة أمّا الكاتب المتقوقع كبالغ فسيكتب من منطلقِ تربية الطفل، بينما الأدب هو وسيلة مفتوحة للحوار والنقاش وعرض الأفكار مع الأطفال.
وتابعت عبد الحيّ: "على الكاتب أن يحافظ على حيويته وحسّه الطفوليّ والفكاهيّ، وأن يتواصل مع البدائيّة والفطريّة بداخله، لا أن يرتدي قوالبَ تربويّة جامدة، ما سيساعد أطفالنا على الانفتاح بشكل أكبر وعدم قوقعتهم في التصنيفات الضيّقة "نعم/ لا، مسموح/ غير مسموح"- وهذا ما حاولت تدريبهُ للمشتركين".
والحديث هنا عن ورشة الأدب المكتوب للأطفال لا تنفصل أهميتها عن وجودها في مشهدٍ يطغى عليهِ الأسلوب الواعظ والتعليميّ، ويفتقد كتّابه للوعي حول تطوّر الطفل الذهنيّ، عدا عن الضعف الظاهر في بناء الحبكة القصصيّة، وهذا ناتج عن نمط الكتّاب المحليين الذين يكتبون من منطلق حاجة السوق لمواضيع شتى يقررون الكتابة حولها لتغطيتها واستيفائها، وفقًا لتقييم عبد الحيّ.
سيرورة الكتّاب
أنهى 10 مشاركين ورشة الكتابة، من أصل 15 تقريبًا بدأوا بها، وهم: عبير زيدان، عفاف حدّاد، أحلام نوباني، إياد برغوثي، حنان النباري، حنّا شمّاس، جودت عيد، لبنى ناشف، ملاك فروجة- أبو ريا وروزين مرجيّة.
وجود المشتركة روزين مرجيّة في الورشة، بحدّ ذاته، شكّل لها معرفة أكبر في مجال أدب الأطفال وكتّابه، الورشة مع مبتدئين بمجال قصص الأطفال شكّلت لها حافزًا آخر لتشابهها معهم بكونهم يانعين في الكتابة، مثلها.
وخلصت مرجيّة، العاملة كأخصائيّة نفسيّة وتربويّة، إلى القول: "عملت الورشة على شخصيتي الفرديّة كما باقي المشتركين، على استكشاف المواضيع التي تحفزني على الكتابة وأيّ من المواضع أرتاح بالكتابة منها، وخلال الورشة اكتشفت ما يميزني ككتابة عن سواي، أن أضحّي بوقتي من أجل النّص، وتطويره بشكل فاعل فيما بعد، آليات كثيرة اكتسبتها ومنها تحويل فكرة النّص إلى عادة وممارسة يوميّة ما سيجعله أكثر قوّة، إلى جانب الانتقال من لغة البالغين إلى لغة الأطفال".
"ولكن الورشات افتقدت الجانب النظريّ"، تابعت مرجيّة، "رغم تناول بعض النظريات في الورشة. إلّا أن المعلومات لم تجب على أسئلتي النظرية العميقة: كيف تطوّر أدب الأطفال؟ ما هي التغييرات التي مرّ بها أدب الأطفال في الفترات الزمنيّة والأماكن المختلفة حول العالم؟ وغيرها من الأسئلة الملحّة".
أحلام كيال- نوباني، مهتمة بأدب الأطفال، وشغوفة بقراءة القصص مع أطفالها، وتعتبره أدبًا مختلفًا عن الكلاسيكيّات الأخرى، ولكنّها لم تقف عند قراءة القصص، بل بلورت فكرة كتابة قصّة للأطفال، قدّمتها خلال الورشة إلى المُرشدة ولكنّها تعرّضت للنقد بأنّ القصة غير موجهة للأطفال بل للأكبر سنًا. "نتيجة لذلك تضايقتُ جدًا لدرجة البكاء أثناء قيادتي السيارة في طريق العودة إلى قريتي، المكر، كانت ثقتي عالية بما أكتب ولم أكن أتوقع انتقاد نصوصي ولكن عبر انكشافي في الورشة على هذا العالم أدركتُ أنّ أمامي الكثير من العمل الجادّ لأصل إلى مرادي".
وفي المقابل، أكسبتها الورشة مهارة تقييم جودة النصوص، وتحديد الهدف منها، وفهمها بشكل آخر، والتعمق في علم نفس الأطفال؛ كل هذا عزّز لديها حب المطالعة بموضوع الفلسفة، فأصبحتْ أكثر انكشافًا على أدب الكبار وقارئة لفرانس كافكا وأليف شافاق، وغيرهما من الكتّاب.
ورشة الرسم: حول النصّ
الخريجون من ورشة الرسم هم 10 أيضًا: إنصاف صفوري، فاتن جروس، فداء سراحنة، حنان يحيى، كاملة عمر- أبو جاموس، محمد جبالي، روان أبو رجب، سناء منصور، سعاد عمر خمايسي ووسيم محاميد.
تطرّقت الدورة إلى مجالات الفنون المختلفة والتعرّف إلى أبرز الفنانين، وهو أحد الجوانب النظريّة في الورشة، كما تخلّلت الجانب النظريّ محاضرات مشتركة بين ورشة الكتابة والرسم، تناولت قصص الأطفال وعلاقة الصورة مع النّص، وماهية دور الرّسام في ابراز النّص.
أفادت مرشدة الورشة، الرسامة ليئورة غروسمن، بأنّ المشاركين كانوا على مستويات مختلفة من الخبرة والمعرفة: "كانت لديّ مشاركة واحدة فقط سبق ورسمت كتابًا للأطفال، لكنّ الباقي لم يكونوا يعرفون ما الفرق بين الرسم التشكيليّ والرسم التوضيحيّ، ولم يرسموا للأطفال من قبل. وعلى خلاف ما هو مُتبع في الكليات والجامعات التي درّستُ فيها بالسابق، كان الطلاب هناك يُختارون وفق معايير صارمة، ولذلك كانوا في الصفّ على مستويات معرفة متجانسة ومتقدّمة".
حظي المشاركون كلّ أسبوع بمحاضرة تمحورت في مجال واحد بالرسم للأطفال (بلورة الشخصية، الأنسنة، البحث البصريّ وغيرها)، متطرقةً في كلّ حصّة إلى تقنية رسم مختلفة (كولاج، تمثيل ورقيّ، ألوان رصاص وغيرها) إضافةً للوظائف البيتيّة. واستطردت غروسمن بأنّها في نهاية الورشة، وخصوصًا بعد الدروس الاستكماليّة التي قدمتها معلمات في تقنيات رسم مختلفة، "وصل المشاركون إلى مستوى يدركون فيه ما هو الرسم للأطفال وبوسعهم أن يعبّروا عن فكرة ما بواسطة الصورة المرسومة. أنا أعتقد أنّ غالبيتهم تحسّنوا جدًّا من الناحية الفنيّة أيضًا". وترى غروسمن أنّ الرسم الجيّد هو الذي لا يرسم بدقّة ما هو مكتوب بالنصّ (فهو مكتوب في النصّ!)، بل يرسم ما حوله. وفي الورشة التي كانت مخصّصة للمبتدئين لم تركّز على النصّ، بل على الإطار الفكريّ، الذي يشكّل الخطوة الأولى في فكّ رموز النصّ بشكل ناجح. وهذه كانت مهمّة جدًّا بالنسبة للمشاركين.
سئلت غروسمن: "ما هو المنطق الذي تستندين عليه في تدريس الورشات، وما هدفك الأساسي؟"، وكان جوابها: "من ناحيتي، كإسرائيليّة، هذه الدولة هي دولة كلّ مواطنيها. وأنا لا أتحدّث هنا عن هذه النقطة وكأنها طرح يساريّ راديكاليّ مجنون، كما يحاول اليمين السياسي تصويره في الفترة الأخيرة. إنّ هذا جزء عضويّ في وثيقة الاستقلال. وعليه، فإنّ التزامي بالرسم المحليّ للأطفال دفعني نحو مساعدة تطوير هذا المجال في أدب الأطفال بالعربيّة. أنا أومن بأنّ الطفل الذي يترعرع في كوكب أبو الهيجاء أو الناصرة أو شفاعمرو ويافا، لا يرى الأشياء ذاتها مثلما يراها طفل في تل أبيب. لذلك، فإنّ أجزاء واسعة من الأدب المحليّ باللغة العبريّة لا تمتّ لعالمه بصِلة. وعليه، فإنّ أجندتي تتمثّل في دفع الرسّامين العرب لرؤية المكان الذي يعيشون فيه بنظرة مُحبَّة- وهذا أمر غير سهل بالمرة. إنّ مهمّتي تكمن في تدريس الناس النظر إلى عالمهم ومحيطهم من منظور جميل. بعدها، عليهم نقل هذا الحبّ لثقافتهم والمكان الذي يعيشون فيه إلى الورق، ومن هناك سيراه الأطفال المحليّون."
سيرورة الرّسامين
فاتن جروس، عاملة اجتماعيّة وموجّهة مجموعات، تحاول خلال عملها معالجة الأطفال عن طريق الفنّ والألعاب، بدأت هوايتها بالرسم منذ 12 عامًا، عن طريق نقل الرسوم عن فنانين آخرين بواسطة دهان الزيت والأكريليك والرصاص، وفي الورشة بدأت تستقلّ فنيًا وتبتكر الرسومات، وأصبحت أكثر جرأة على أن ترسم ذاتها.
من المهارات التي اكتسبتها جرّوس أنسنة غير العاقل، وقد قامت بتحويل عربة للأطفال إلى كائن حيّ عن طريق الرسومات خلال الورشة التي وصفتها بالمثرية.
ومن جهة أخرى، وصفت المهتمة في مجال الفنّ، سناء منصور، الورشة بالناجحة، وقامت بها لأول مرّة بالرسم بالحبر الأسود الصينيّ، وعمّقت معرفتها بتقنيات الرسم بالأكريليك والجواش والرسم بالخدش، ودمج الشموع مع الألوان لاستخراج ملمس مختلف للرسومات، والرسم بعشوائيّة وابتكار الشخصيات وتطويرها لتصبح مميزة رغم بساطتها. وترى منصور أنّ دور الرسام لا يقلّ أهميّة عن دور الكاتب وهي علاقة تكامليّة بينه وبين الكاتب، فالرسوم هي ما تحبّب الطفل بالقصّة وتجذبه لها أما قصّة من دون رسومات ستقوم بتنفير الطفل، ولها أهميّة بالغة في إيضاح معنى النّص للطفل حتى قبل أن يقوم بقراءته.
واختتمت: "تنبعُ أهميّة رسوم الأطفال بكونها تنمي إبداع الطفل وتفكيره وعقله وحسّه الفنيّ، ولكن للأسف أرى انّ مجال الرسم للأطفال في المجتمع العربيّ نادر ومُهمَّش. قلّة من يرسمون للأطفال رغم أنّ مجتمعنا بحاجة ماسّة لتطوير وابتكار هذا المجال، حتى في المدارس لا يهتمون بالرسم بشكل جدّي ويستخفون به، فيضطر الطفل اللجوء إلى الدروس الخاصّة لتطوير قدراته".
وعن رؤية العمل المستقبلي لمركز الكتب والمكتبات، المؤسس عام 1975، يقول مدير مشاريع الثقافة العربيّة في المركز، الأديب علاء حليحل: "نحن نسعى لتأسيس دفيئة كبيرة للإبداع والتميز والتعلّم، تشجع على التجريب والاكتشاف وفتح مجال أدب وثقافة الأطفال والفتيان أمام قطاعات جديدة من مربيات وحاضنات وأشخاص من مجال العلوم النفسانية والعلاجية، إلى جانب أهمية تأسيس موقع "حكايا" الذي يمكن أن يتحول إلى منبر أساسي ومركزي لتجديد مشهد أدب الأطفال لدينا. نحن نخطط لعام 2017 الاستمرار لورشة متقدمين في الكتابة والرسم من فوج 2016، وفتح ورشات مبتدئين جديدة هذا العام إلى جانب استضافة كاتب/ة ورسام/ة دولييْن من العالم لإجراء "ورشات معلّم" للمشاركين بالورشات".
تعليقات (1)
عمل رائع يعطيكم العافية
انا فنانه وحلمي ارسم قصص اطفال ياريت تبعتولي لما تبدا ورشة جديدة
إضافة تعليق